وحتى أنهي هذه المسألة: إن عذاب القبر والإحياء في القبر وسؤال القبر ثابت -ثبوت الجبال الرواسي لا شك في ذلك بحال من الأحوال- من الكتاب ومن السنة وإجماع أهل السنة.
أما من الكتاب: قال الله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[السجدة:٢١].
فالعذاب الأدنى فسره جمهرة من المفسرين فقالوا: هو عذاب القبر.
الآية الثانية: قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}[إبراهيم:٢٧] أولت (في الآخرة) أنها أول منازلها وهي: القبر، أي: الثبات في القبر، فيثبت الله جل وعلا العبد ليقول: ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وديني الإسلام.
الآية الثالثة -وهي فاصلة في النزاع- التي تثبت عذاب القبر والإحياء والإماتة والنعيم والعذاب في القبر، قال الله تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر:٤٦]، فقوله:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}[غافر:٤٦] أي: في القبر؛ لأنه بعد ذلك ذكر المآل فقال:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}[غافر:٤٦]، إذاً: قبل أن تقوم الساعة هم في الحياة البرزخية يعرضون على النار غدواً وعشياً، نعوذ بالله من الخذلان.