للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسباب المؤدية إلى نمو الكبر في قلب المرء]

والكبر -كما ذكرت- أول ذنب عصي به الله جل في علاه، وله أسباب يجب عليك أن تتعرف عليها؛ حتى تنقي قلبك منها؛ فهو أعظم أدواء القلوب، وأسبابه أربعة أدواء، وهي: العجب والرياء والحقد والحسد.

فالعجب: هو الذي يؤدي بصاحبه إلى الكبر والعياذ بالله، فينظر إلى نفسه فيقول: أنا أنا ولا أحد مثلي والعياذ بالله, ويتعاظم في نفسه كما يتعاظم الشيطان في نفسه, فأول درجات الكبر العجب, والعجب مرض قلبي، وهو كبر باطني يظهر بعد ذلك على الجوارح والعياذ بالله، فينظر المعجب بنفسه في الدنيا فلا يرى أحداً مثل نفسه، وهذا يحمله على التكبر على الناس.

والحقد يورث البغضاء والكبر، فالحاقد على غيره لا يمكن أن يقبل منه شيئاً، بل يدفعه ويدفع كل ما جاء به, فالحاقد كالحاسد، والحاسد محترق، فالحقد والحسد يورثان البغض ودفع الحقائق وازدراء الناس, مع أنه في قرارة نفسه يعلم أن هذا المرء يستحق التواضع له، ويستحق الانصياع له ومع ذلك لا يقبل منه لأنه حاسد حاقد.

وآخر هذه الصفات الرياء، فبعضهم يريد أن يري نفسه ومكانه أمام الناس، وأن يسمع الناس بحاله ويرون مكانته، فالمرائي عندما يشار إليه بالبنان ويأتيه الصغير فيعلمه مسألة يجهلها فلا يمكن أن يقبلها منه؛ لأنه يرائي، ولو قبل منه هذا الكلام أمام الناس فإن الناس سيفضلون هذا الرجل عليه, فيخشى أن تنزل مكانته فلا يرضى بالحق ويدفعه, وعلاج هذه الخصلة يسير، فيمكن علاجها بالإخلاص وبمتابعة مراقبة الله جل في علاه, لكن علاج الحقد والعجب والحسد من أصعب ما يكون، ولن يعافى منه إلا من عافاه الله جل في علاه, نسأل الله جل وعلا أن يعافينا من هذا، والذي ينجي الناس من هذه الأدواء هو الدعاء والتذلل في السحر لله جل في علاه أن ينقي قلبك من هذه الأدواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>