لقد ثبتت صفتا السمع والبصر لله جل وعلا في الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة، فأما الكتاب: قال الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة:١] أي: قد سمع الله جل وعلا قولها، فأثبت لنفسه السمع، وأيضاً قول الله تعالى:{فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ}[الشعراء:١٥]، وقال الله تعالى:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦]، فهذه الآيات تدل على سماع الله جل وعلا.
وأيضاً من الدلالات على إثبات السمع لله جل وعلا أن الله عاب على الكافرين الذين يعبدون الأصنام وهي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، فقال الله تعالى موبخاً ومقرعاً أهل الكفر:{قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ}[الشعراء:٧٢] يعني: هذه الأصنام هل لها آذان تسمع؟ فالأصنام لا تسمع منكم، ولا تجيبكم، ولا تنفعكم، ولا تضركم، فأنكر عليهم ذلك، ففيها دلالة على أن الله يسمع، فكأنه قال: هل يسمعونكم كما أسمع أنا؟ وأيضاً قول الله تعالى حاكياً لنا ومقراً لإبراهيم الذي أنكر على أبيه آزر أو على عمه على بعض أقوال أهل العلم، أنه قال:{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا}[مريم:٤٢] أي: لابد أن نعبد الذي يسمع ويبصر وهو الله سبحانه، وهذا يدل على أن مقام النصح مقام المقارنة، إذاً: فصفة السمع وصفة البصر ثبتتا لله جل وعلا في الكتاب.