للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم قول القائل: نستشفع بك على الله]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله! جهدت الأنفس، وضاع العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا؛ فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك! أتدري ما تقول؟ فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه؛ شأن الله أعظم من ذلك.

ويحك أتدري ما الله؟ إن الله على عرشه، وعرشه على سماواته، وسماواته على أرضه)] وهذا الحديث سنده ضعيف، لكننا نستقي منه أمراً مهماً جداً، وهو سنة لابد أن تتبع، وهو أنك إذا سمعت أحداً يتكلم بكلام فيه تنقص في الله جل وعلا، أو في صفات الله جل وعلا وجب عليك أن تسبح، بأن تقول: سبحان الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تعجب قال: سبحان الله! وكان إذا سمع أمراً عن الله جل وعلا لا يليق بجلاله ولا بكماله ولا بعظمته ولا بعزته قال: سبحان الله! جاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: نستشفع بالله عليك فقال: سبحان الله! وقال: ويحك.

ومعناها عند أهل اللغة: أنها للزجر، حتى لا يتكلم بكلام فيه نقص في صفات الله جل وعلا.

وأيضًا (لما دخل على خطيب يخطب بالناس فقال: ما شاء الله وشئت، قال بئس خطيب الأمة أنت، أجعلتني لله نداً؟!) فهذا دلالة على الزجر في الكلام الذي يوحي بنقص في جلال الله جل وعلا.

ففي الحديث دلالة: على علو الله، حيث قال: إن الله على عرشه، وعرشه على السماوات، ومعنى نستشفع بك على الله، يعني: يجعل الله شافعاً لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدعو لهم، فهذا الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يسبح.

فالشفاعة تكون في واقعنا من الأدنى للأعلى، فإذا قال القائل: نستشفع بك على الله، فكأنه استشفع بالأدنى على الأعلى والعياذ بالله، ووضع الله جل وعلا في مرتبة أدنى من مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم، حاشا لله وتقدست أسماؤه جل وعلا، فالله يأمر، والعباد يقولون: سمعنا وأطعنا (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢]، فلا شفاعة على الله، بل العباد هم الذين يحتاجون إلى الله جل وعلا ويشفعون عند الله، وهم الذين ارتضى الله لهم ذلك.

فلا يستشفع في الله على أحد؛ لأن هذا يوهم بنقص لمرتبة الله جل وعلا، فإن القائل لهذا جعل مرتبة الله أدنى من مرتبة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا من الضلال العظيم، والكفر المبين.

فالنبي صلى الله عليه وسلم سبح تنزيهاً لعظمة الله ولجلاله ولكماله جل في علاه، فإنه لا يستشفع بالله على أحد من عباده؛ لأن الله يأمر والعباد يقولون: سمعنا وأطعنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>