العلم نوعان: علم غيب، وعلم شهادة وكل ثابت لله، وقد علمه الله لبعض خلقه، وفاوت بين الناس درجات من هنا إلى السماء في أبواب العلم، وما من حديث وما من آية مدحت أهل العلم إلا والمقصود علم الشرع وهو علم الشهادة.
وعلم الغيب كذلك نوعان: غيب مطلق وغيب نسبي، أما الغيب المطلق فلا يعلمه إلا الله، ومن ادعاه فقد كفر، قال الله تعالى:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[النمل:٦٥]، هذا مطلق يشمل كل الغيب، فلا يعلمه إلا الله جل وعلا، ولا يشكل علينا قول الله تعالى:((إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن:٢٧]، فهو يعلمهم من الغيب ما يريد، فعلم الله النبي صلى الله عليه وسلم بعض أمارات الساعة إذاً الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله جلا وعلا، أما الغيب النسبي فيمكن أن يعلمه البعض، ويغيب عن البعض، مثال ذلك ما يحدث في المسجد الآن هل هذا غيب عندنا؟ لا، ففي جلستنا هذه ما يحدث من الأخذ والرد والشرح هل يغيب عن أحد منكم؟ لا، لكن إن قدرنا أن رجلاً في الراشدية الآن بعيداً عن هذه الحلقة لا يعلم شيئاً عنا، فهذا بالنسبة له يسمى غيباً نسبياً، لكن عندنا علم شهادة، كذلك ما يحدث في أمريكا الآن نحن لا نعلمه لكن عند الأمريكيين هو علم شهادة وعندنا علم غيب، وهذا يوضح لك مسألة القرين الذي يخبر الكاهن بما يقع من الغيب النسبي.
إذاً: الغيب نوعان: غيب مطلق لا يعلمه إلا الله جل وعلا، ومن ادعاه فقد كفر، وهنا مسألة الأبراج وحظك اليوم كذا واقرأ برج الأسد وبرج كذا وأنت سعيد وغداً ستحزن بكذا كل هذا الذي يطلع عليه أخشى عليه من الكفر، والذي يطلع عليه فيقصده فقد فعلَ فعل الكفر؛ لأنه اعتقد في غير الله ما لم يكن إلا لله، يعتقد أنه سيحدث له ما ذكر، فهذا كفر يخرج من الملة؛ لأنه بذلك يعتقد أن الغيب يعلمه غير الله، والغيب المطلق لا يعلمه إلا الله جل وعلا، بل الرسول لا يعلم الغيب، والحوادث التي وقعت ولا يعلمها الرسول كثيرة، وأشهر حادثة وقعت حادثة هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان عندما أخذت كبد حمزة رضي الله عنه وأرضاه أسد الله وأسد رسوله فلاكتها ثم لفظتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي لم يجعل جزءاً منه في النار) معتقداً بأن هند ستموت على الكفر، فأصبحت من الصالحات العابدات رضي الله عنها وأرضاها، فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لا يعلم الغيب، فالغيب لا يعلمه إلا الله، وأنتم تعتقدون ذلك وأنا أعتقد ذلك.