للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إثبات صفة النفس لله تعالى]

ذكر المؤلف رحمه الله صفة من صفات الله جل وعلا الثبوتية، وهي صفة النفس، وهذه صفة ثبوتية، أي: أثبتها الله لنفسه في كتابه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي صفة خبرية، لا مدخل للعقل فيها، وإذا قلنا بأنها خبرية فسنثبتها بالكتاب والسنة دون العقل؛ لأن العقل لا يدرك ذلك، وقد أثبتها الله لنفسه في كتابه، قال لموسى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه:٤١].

وقال جل وعلا أيضاً على لسان عيسى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} [المائدة:١١٧].

ثم قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:١١٦]، وأثبت لله النفس.

وأيضاً قال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:٥٤].

إذاً: صفة النفس صفة خبرية، ثبتت لله في الكتاب، وأيضاً أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم كما في الأحاديث التي ذكرها المؤلف: (أنا مع عبدي ما ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) إثبات للنفس.

وأيضاً في أحاديث أخرى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي).

وأيضاً: (كتب الله جل وعلا كتاباً عنده على نفسه أن رحمتي سبقت غضبي).

فإذاً: هذه الصفة ثابتة لله جل وعلا بالكتاب وبالسنة.

أقول: نعتقد اعتقاداً جازماً ونثبت لله صفة النفس، وأنها صفة كمال وجلال لله جل وعلا لا تماثل نفس المخلوق، مع أن الاسم مشترك، نفس الخالق ونفس المخلوق، والقاعدة: الاشتراك في الاسم لا يستلزم التساوي في المسمى.

إذاً: نفس الخالق لا تماثل نفس المخلوق.

إذاً: أثبت لله صفة خبرية ثبوتية، وهي صفة النفس بلا تمثيل، أي: لا تماثل نفس المخلوق.

ولا تشبيه: ولا تشابه نفس المخلوق.

ولا تكييف: ولا أقول: النفس ليس لها كيفية، أو أثبت الكيفية، لكني أفوض هذه الكيفية للخالق جل وعلا.

إذاً: إثبات النفس لله جل وعلا: صفة خبرية تليق بجلال الله وكمال الله، لا تماثل نفس المخلوق، ولا تشابه نفس المخلوق، ولا نعلم كيفيتها، والكيفية أفوضها لله جل وعلا على طريقة السلف الذين هم أعلم، وطريقتهم هي أحكم وأسلم.