[ثبوت أن القرآن صفة من صفات الله بالكتاب والسنة والإجماع]
وأيضاً ذلك ثابتٌ بالكتاب وبالسنة وبإجماع أهل السنة، أما بالكتاب فقد قال الله تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة:٦]، والكلام الذي أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو كلام الله وهو القرآن، فهذا الكلام ليس بعام ولكن يقصد به القرآن.
والإضافة نوعان: إضافة أعيان قائمة بذاتها مثل: الكعبة، الناقة، عيسى، كأن يقال: عيسى روح الله الكعبة بيت الله، وقوله تعالى:{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس:١٣]، وهذه الإضافة تسمى إضافة تشريف وتعظيم، فالكلام صفة ليست قائمة بذاتها، قال الله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}[الفتح:١٥]، وأيضاً قال تعالى:{يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ}[البقرة:٧٥]، فهذه أدلة الكتاب على أن القرآن هو كلام الله جل وعلا.
ومن الاستنباط قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}[الشعراء:١٩٢ - ١٩٣] وقوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء:١٦٦]، كل ذلك على القرآن الذي هو كلام الله جل في علاه.
أما من السنة: فعن ابن مسعود في السنن بسند صحيح: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ كلامه يقول: إن أحسن الكلام كلام الله)، يعني: بعد أن يقول: إن الحمد لله نحمده ونستعينه إلى آخره، يقول:(إن أحسن الكلام كلام الله) فأضافة الكلام إلى الله هنا دلالة على أن القرآن هو كلام الله جل في علاه.
وقد ورد حديث صححه كثير من العلماء من المحدثين وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما عبد الله بخير مما خرج منه) ويقصد به القرآن الكريم.
وأما إجماع الصحابة على أن القرآن كلام الله، فقد ثبت ذلك عن أبي بكر وعن عمر وعن عائشة عندما قالت: إن الله برأني من فوق سبع سماوات بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، وابن عباس كان يصلي في جنازة فصلى رجل أمامه فقال: اللهم رب القرآن اغفر لفلان وفلان وافعل في فلان فجذبه ابن عباس بعدما انتهى من صلاته جذبة شديدة فقال: ماذا تقصد بقولك: رب القرآن؟ أتعلم القرآن؟ أتعلم عظمة الله؟ فإن القرآن كلام الله، فبين أن القرآن هو كلام الله، وورد مثل هذا عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم.