للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بدعة نفي صفة الوجه]

نفي صفة الوجه أهل التعطيل والنفاة الذين يحرفون صفات الله جل وعلا، وما أدري كيف يعيشون في هذه الدنيا ثم يرحلون إلى الله جل وعلا فكيف يرونه يوم القيامة؟ وهل سيسعدون برؤية وجه الله وهم ينفون عن الله الوجه، فيقولون: لا وجه له؟! هل سيسعدون بذلك وقد أولوا الصفة فقالوا: الوجه معناه الذات، وقالوا: الله ليس له وجه؛ لأننا لو قلنا بأن الله له وجه شبهناه بالخلق، فقالوا: الوجه هنا بمعنى الذات، وقالت طائفة منهم: الوجه بمعنى الثواب، فقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] أي: إلا ثوابه.

ولأنهم أولوها بالذات وبالثواب فقد قالوا: صفة الوجه صفة مخلوقة، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨]، ثم أحدثوا تساؤلاً فقالوا: هل يخص الوجه دون الذات بالبقاء فقط؟ وهل يعقل هذا أو يتكلم به أحد؟ فإن قيل: لا، قالوا: إذاً: ما ذكر الوجه إلا وهو يقصد الذات، ولا يمكن أن نقول: إن ذات الله تفنى، -حاشا لله- ويبقى الوجه فقط، إذاً قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]، دلالة على أن ذاته ستبقى، فالوجه هنا بمعنى الذات.

ومما استدلوا به على التأويل أيضاً: عمل المخالف فقد خاطبوا المخالفين فقالوا: أنتم تدعون السلفية وأنكم تتبعون السلف، فلماذا أولتم قوله تعالى: {أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥]، فقلتم: وجه الله في هذه الآية يعني: قبلة الله، وهذا تأويل، فلنا أن نؤول فنقول: ويبقى وجه الله أي: تبقى الذات، وليس هناك ثمة فرق.