لا بد لكل طالب علم أن يعلم أن التكفير لا يتجرأ عليه إلا جاهل جريء؛ لأنه من أصعب ما يكون وأشق ما يكون ولا يتجزأ عليه إلا من لم يجعل الله له حظاً في العلم، ولا بد للمسلم ألا يتجرأ على مسألة التكفير إلا بدليل أوضح من شمس النهار؛ لخطر هذه المسألة ولعظمها، ويوضح خطر هذه المسألة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:(من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما).
وفي رواية قال:(فإن كان كذلك وإلا حارت عليه) أي: رجعت عليه.
كلمة الكفر إن قالها زوراً وبهتاناً وظلماً، فإذا تجاسر شخص وأطلق كلمة الكفر على أخيه ولم يكن كافراً بحق عند الله، فإنه سيكفر بهذه الكلمة؛ لأنه نزع الإيمان من عبد وما كان له ذلك، فكان جزاءً وفاقاً، وأجراً طباقاً أن تحور الكلمة وتتحول عليه ويصبح هو المتهم بالكفر.
أقول: إن التكفير حق محض لله جل وعلا لا دخل للإنسان فيه، مثله مثل التحليل والتحريم، قال الله جل وعلا:{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ}[المائدة:٩٩] أي: له أن يبلغ، فمن قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله فقد دخل حظيرة الإسلام، فلا يجوز لأحد أن يخرجه منها.
وقد جاء في الحديث أن أعرابياً قال:(اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً فقال صلى الله عليه وسلم: لقد حجرت واسعاً) وذلك لأن هذا حق محض لرب البرية جل في علاه، فليس لأحد أن يحجر رحمة الله الواسعة.