للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة على تكفير من قال بخلق القرآن]

من قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر، ووجه تكفير من قال هذا القول المطلق ما يلي: أولاً: تكذيبه للقرآن، فإن الله قرر في كتابه أن القرآن هو كلام الله غير مخلوق، فمن قال بأنه مخلوق فقد كذب الله، قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:٦]، وإضافة المعنى الذي هو كلام الله من باب إضافة الصفة للموصوف، فهذه الصفة ليست عيناً قائمة بذاتها.

الأمر الثاني: أنه شبه الخالق بالمخلوق إذ كلام الإنسان مخلوق، فمن قال: إن كلام الله مخلوق، فقد شبه الله بخلقه، وقد أصل لنا نعيم بن حماد شيخ البخاري تأصيلاً عظيماً فقال: من شبه الله بخلقه فقد كفر.

ثالثاً: أن من قال: إن القرآن مخلوق، فقد خالف إجماع سلف الأمة وشموسها الذين قالوا: إن من قال القرآن مخلوق فقد كفر، وإليكم بعض الآثار عنهم، روي بسند صحيح عن الإمام أحمد أنه سئل عمن قال: القرآن مخلوق، فقال: من قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر، وعلى هذا فتكفير الجهمية ليس تكفير عين، فإنه صلى خلف المأمون وأمر باتباعه والسمع والطاعة له.

وهذا وكيع الذي كان إذا دخل مكة انفض الناس عن كل المجالس إلى مجلسه، كان جبلاً في الحفظ رضي الله عنه وأرضاه، قال في ذبائح الجهمية بأنها ميتة فهي حرام فهو نزل الجهمية منزلة الكفار في كون رد ذبيحتهم ميتة لا يجوز الأكل منها.

وأيضاً قيل لـ ابن المبارك: إن النضر يقول: إن من قال: إن الله لم يكلم موسى فقد كفر، قال: صدق النضر، قال: من قال: إن قول الله تعالى: ((إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ)) مخلوق فقد أدى بذلك أن الله أمر موسى أن يعبد مخلوقاً لا خالقاً، وهذا أم الكفر وبابه.

وأيضاً الإمام مالك قال: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، يقتل بعدما يستتاب.

وقال جعفر الصادق: من قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر يقتل ولا يستتاب، والخلاف فقهي بين العلماء، هل يستتاب ثلاثة أيام أم لا؟ والمقصود أنه ما من إمام من الأئمة إلا وقد كفر من قال بأن القرآن مخلوق، وليس صفة من صفات الله جل وعلا.

ناظر الشافعي حفصاً الفرد أحد غلمان بشر المريسي فقال في بعض كلامه: القرآن مخلوق.

فقال له الشافعي كفرت بالله العظيم.

إذاً: فمن قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر؛ لأن القرآن تكلم الله به وسمعه منه جبريل بصوت وحرف، ثم نزل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>