بما أن العامة وقع فيهم التشاؤم والتطير كثيراً فسنأخذ من هذه الصفات الثلاث: التطير ونتكلم عنه.
التطير لغة: التشاؤم بالطير، وهو من عادات الجاهلية، فإنهم كانوا إذا أرادوا سفراً أطلقوا طيراً، فإذا ذهب يميناً تيمنوا، تبركاً، فقالوا: نسافر، وإذا ذهب شمالاً تشاءموا وقالوا: نكف عن السفر.
واصطلاحاً: هو التفاؤل والتشاؤم بكلام أو أشخاص أو أماكن أو أيام وشهور أو سنين، كالذين يتطيرون بالغراب، فإذا رأوا الغراب قالوا: لا نسافر أو لا نتزوج أو لا نفعل كذا، أو يتطيرون بالبوم، ويقولون: إن هذه البومة عندما تنطق بالأصوات التي تخرجها كأنها تقول: خراب، أي: خراب على البيت التي تكون فيه.
ومن النظير في الكلام: أن يذهب رجل للاختبار فيسمع شخصاً يقول لآخر: يا راسب! فيقسم أنه لن يذهب حتى لا يرسب، أو يضحك رجل كثيراً، فتراه يقول متشائماً: اللهم اجعله خيراً، فيتشاءم من الضحك مع أن هذا الضحك منة من الله جل في علاه يستوجب منك الشكر؛ لأن الله هو الذي أضحك وأبكى، فأنت تضحك فتحمد الله؛ لأنه أدخل عليك السرور وضحكت.
وقد يرون امرأة عجوزاً فيقولون: عجوز النحس، أو يقول إذا رآها: فلو رآها أحدهم يقول: لا نعمل اليوم، تشاؤماً بها.
وكثير من الناس يتشاءمون بالأيام، كيوم الأربعاء، فلا يذهبون فيه للعمل؛ لأن يوم الأربعاء هو اليوم الذي ينزل فيه البلاء، وقد وردت أحاديث صحيحة في ذلك، وأنه ينزل البلاء يوم الأربعاء، لكن لا يستلزم ذلك التشاؤم بيوم الأربعاء، أو التشاؤم بشهر شوال، كما كان يفعل أهل الجاهلية، فقد كانوا يقولون: إن الزواج في شوال خسارة ووبال على الذي يتزوج؛ ولذلك ردت على أهل الجاهلية عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وقالت:(من كان أحظى عند نبي الله صلى الله عليه وسلم مني؟ قد عقد علي في شوال، وبنى بي في شوال)، تعني: أنه تزوجها رضي الله عنها في شوال صلى الله عليه وسلم.