والمعجزة والكرامة أمر يهبه الله جل وعلا لعبد من عباده ويؤده به، فالمعجزة للنبي، والكرامة للولي، وهما يتفقان ويفترقان، فيتفقان: في أن كلاً من المعجزة والكرامة أمر خارق للعادة، فالمعجزة أمر خارق للنبي، والكرامة أمر خارق للولي، ويفترقان: في أن المعجزة يتحدى النبيُّ بها أي أحد يأتي بمثلها، أما الولي الذي تظهر له كرامات فلا يتحدى بها، ولا يجوز له أن يدعي الكرامة؛ لأن الله جل وعلا يقول:{فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:٣٢].
فالنبي يصرح بالتحدي بها؛ لأن الله أيَّده بها حتى يعلم الناس صدق رسالته فيؤمنوا به، وأما الكرامة فهي لطف وكرم وتفضل وتمنن من الله جل في علاه لإظهار مكانة هذا المتعبد الناسك.
وهذه المعجزة التي بين يدي عيسى أنه يتكلم في المهد قد اتفقت لبعض أولياء الله الصالحين، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاثة تكلموا في المهد) منهم عيسى عليه السلام، وابن كثير كان يروي بعض الآثار التي يتسامح فيها، وذكر منها: أن عيسى كان يكلم أمه وهو في بطنها، أي: كان إذا خلت به كلمها وهو في بطنها.
وقد ذكر الله كلام عيسى عليه السلام في قوله:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم:٣٠].