للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم تلبس الجن بالإنس]

مسألة: هل الجني يتلبس بالإنسان أولاً؟ هناك من ينكر ذلك، فقد جاءني بالأمس طبيب يعترض ويقول: كيف يدخل الجني في الإنسان؟ فقلت له: لا اجتهاد مع النص، فهل أنت معي في هذا؟ قال: نعم.

قلت له: لقد جاء في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من السنن بسند صحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على امرأة ولها طفل صغير يعاني من الصرع - فيه جنون- فقالت: يا رسول الله! هذا ابني- أي: انظر فيه- فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فعلم أنه مصروع، ففغر فاه -فتح فاه- ثم تفل في فيه ثم قال: اخرج عدو الله، إني رسول الله)، فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخاطب الجني ويقول له: (اخرج عدو الله إني رسول الله) فهذا نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: إن النص هو القرآن وأنه لا يحتج بالحديث والعياذ بالله.

وقد جاء عن كثير من السلف إثبات الصرع، وعلاج المس، كما ورد ذلك عن أحمد بن حنبل وعن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما.

ودلالة الآية واضحة جلية: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:٢٧٥]، وكذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} [الأنعام:١٢٨]، والاستمتاع هنا بإطباق المفسرين جميعاً: هو استمتاع الجني بالإنسي، بأن يشرك الإنسي بالجني مع الله، وذلك بأن يقدم القرابين للجني حتى لا يؤذيه، ومن معاني الاستمتاع هنا: أن الجني يفعل للإنسي خوارق الأمور، كأن يطير به في الهواء، ويمشي به على الماء، ويخبره بالغيب النسبي لا بالغيب المطلق.

فتلبس الجن بالإنس ثابت بالكتاب والسنة، لكن هؤلاء يهرفون بما لا يعرفون.

<<  <  ج: ص:  >  >>