للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقسام الإضافة إلى الله تعالى ومعناها]

ومعنى قول النصارى: إن (من) تبعيضية: أن عيسى جزء من الله جل في علاه، وهذا خطأ فاحش إذ (من) هنا ليست تبعيضية، فالإضافة إلى الله جل في علاه إضافتان: أعيان، ومعان، فإن كانت إضافة معان فهي إضافة صفة إلى موصوف، فقولك مثلاً: كرم الله، هذه إضافة معنى، وليست عيناً قائمة تراها تمشي أمامك، فكرم الله إضافة صفة للموصوف، كذلك: قوة الله وعزة الله فإنها إضافة صفة للموصوف.

أما إضافة الأعيان فهي كقولك: الكعبة بيت الله، فالكعبة تراها أمامك عيناً قائمة، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف؛ لأنها أعظم من أي بيت آخر، ومن أي مسجد آخر، كذلك ناقة الله فهي إضافة تشريف؛ لأن هذه الناقة فيها من المعجزات التي بين الله جل وعلا كما هو معلوم.

إذاً: فإضافة الأعيان إلى الله إضافة تشريف، وإضافة المعاني إلى الله إضافة صفة للموصوف.

فالروح عين من الأعيان وهي مضافة إلى الله إضافة تشريف، فهذه الروح قد خلقها الله وشكلها وأدخلها في آدم عليه السلام، فقوله: (منه) يعني: من عنده جل في علاه، وليس معنى ذلك أنها جزء منه، فهنا رد على النصارى الذين يقولون: بأن عيسى جزء من الله، فالروح من عند الله خلقها الله جل وعلا، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، ومثل ذلك: السماء والأرض والبحار والجبال فإنها ليست جزء من الله، وقد قال الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية:١٣] فإذا أقروا أن السماوات والأرضين والجبال والبحار ليست جزءاً من الله، وأن معنى قوله: ((جَمِيعًا مِنْهُ)) أي: من عنده، فأضيفت إلى الله إضافة تشريف، فكذلك عيسى إضافته إلى الله إضافة تشريف، وروح آدم خلقها الله من عنده وأضيفت إليه إضافة تشريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>