ابن خزيمة شهد له فحول العلماء بالحفظ والفقه، والقدرة على الاستنباط والفهم، وقد جاء هذا الاعتراف والثناء من تلاميذه الذين أخذوا عنه العلم، ومن شيوخه الذين تلقى عنهم، مثل أبي حاتم الرازي الذي قيل: إنه أحفظ من البخاري، ومثل أبي زرعة الذي كان أيضاً أحفظ من البخاري، لكن البخاري كان أتقن منهما في العلل وغير ذلك، سئل أبو حاتم عن محمد بن خزيمة فقال: ويحكم! هو يسأل عنا ولا نسأل عنه، هو إمام يقتدى به، وهذا كما سئل يحيى بن معين عن أحمد بن حنبل فقال: أو أحمد يسأل عنه؟! هو يسأل عنا، أحمد إمام الدنيا.
والربيع صاحب الشافعي حامل فقهه، هو أحد من تفقه عليه ابن خزيمة، قال لبعض تلاميذه: هل تعرفون ابن خزيمة؟ قلنا: نعم، قال: استفدنا منه أكثر مما استفاد هو منا.
قال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماماً عديم النظير.
قال الذهبي: كان هذا الإمام جهبذاً عالماً بالحديث، بصيراً بالرجال.
وقال أيضاً: ابن خزيمة الإمام الحافظ الحجة الفقيه.
وقال ابن حبان: ما رأيت من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزيادتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا ابن خزيمة.
قال ابن كثير عنه: كان بحراً من بحور العلم، طاف البلاد ورحل إلى الآفاق في الحديث وطلب العلم، فكتب الكثير وصنف وجمع، وهو من المجتهدين في دين الإسلام.
قال أبو علي: لم أر مثل محمد بن إسحاق كان يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارئ السورة، وهذا معناه أنه كان يذكر الحديث وأيضاً يفقه متن هذا الحديث.
فقد كان محدثاً وفقيهاً مثل البخاري جبل الحفظ، فكتاب البخاري يدلك على فهم دقيق واستنباط بديع من الأحاديث، كان يقطع الأحاديث ويبوبها على أبواب، فتراجم أبواب البخاري تثبت لك أنه كان فقيهاً؛ ولذلك تنازعه الحنابلة والشافعية فكل ينسبه إلى مذهبه، فالشافعية كتبوا: البخاري شافعي المذهب، وفي تراجمه كثيراً ما يرجح مذهب الشافعي، وقال الحنابلة: حدث عن شيخه الإمام أحمد بن حنبل في الصحيح، والراجح أنه إمام مجتهد مطلق.
قال الذهبي: كان لـ ابن خزيمة عظمة في النفوس وجلالة في القلوب؛ لعلمه ودينه، ولاتباعه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.