هنا إشكال: الكهنة قد يخبرون بما سيحدث غداً ثم يحدث ما أخبروا به، فلو ذهب أحدكم إلى كاهن يسأله يقول لك: أنت في العام المقبل يوم الإثنين، في الساعة السادسة ستقابل امرأة اسمها كذا وستتزوجها، تأتي في العام المقبل يوم الإثنين في الساعة التي أخبر بها تنظر في المرأة فتجدها ثم تتزوجها، فهل يعلمون الغيب؟ لا، النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن ذلك وأخبر أن الجن يركب بعضهم فوق بعض ليخترقوا السمع، فيأخذ الجني الكلمة ثم يقرقرها للذي تحته وربما يأتيه شهاب قبل أن يقرقرها، ثم يقرقرها للذي تحته حتى تصل إلى الكاهن فيكذب معها مائة كذبة، لكن الإنسان ينظر في الكلمة التي صدق فيها، وهذا ليس بإشكال وليس بغيب؛ لأنه يخترق الجني هذه الكلمة من السماء ويقرقرها في أذن وليه.
لكن السؤال والإشكال: ما الحكمة في ذلك؟ أليس الغيب كله لله جل وعلا؟ ما الحكمة في أن يعلم الكاهن جزئية من الجزئيات فيخبر عنها فيشوش على الناس، فيعتقدون في غير الله ما يعتقد إلا في الله؟ نقول: هذا ابتلاء من الله جل وعلا، أما أعطى الله الدجال أن ينظر إلى السماء فيقول: أمطري فتمطر، ويأتي إلى الخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتخرج، ويقتل المرء ويناديه: فيأتي متهللاً أمامهم؟! أعطاه الله شيئاً من صفات الربوبية بلاءً واختباراً لعباده، إذاً الغيب كله لله جل وعلا، فالغيب المطلق لا يعلمه إلا الله سبحانه.