أما بالنسبة للحديث الذي استدلوا به: وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها) فيفسر هذا الحديث بالحديث، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش) يعني: بقدرتي وبتوفيقي وتسديدي، فالمعية هنا: معية التوفيق والتسديد، فإذاً: لا دليل لهم على ما قالوه، وسلمت الأدلة عندنا من أي معارضة، وبينا بطلان كلامهم، فنقول بالدلالات الباهرات: أن {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥].
وقولهم: إن المعية معية المخالطة، هو كفر بعد أن بينا لهم، فالكفر يتبين لنا من أكثر من لازم.
اللازم الأول: إذا قلنا بقولكم: إن الله في كل مكان، إذاً: فالله في الأرض وفي الجبال وفي البحار وفي أجواف الحيوانات -حاشا لله- وفي الأماكن التي يترفع الإنسان أن يتكلم فيها وهي أماكن قضاء الحاجة، فلازم قولكم أن الله في كل مكان، يعني: ما ترك مكاناً إلا وحل فيه، تقدست أسماء الله جل وعلا، وتعالى علواً كبيراً عن قول هؤلاء الظلمة الذين يتنقصون من قدر الله جل وعلا، ويتنقصون من كمال الله وجلال الله سبحانه وتعالى فهذا لازم باطل، وهم ينأون بأنفسهم أن يقولوا به.
الثاني: إذا قلتم بأن الله في كل مكان لزم ذلك أن تجزءوا الإله جزءاً في مصر، وجزءاً في الإمارات، وجزءاً في أمريكا، وجزءاً في فرنسا، وجزءاً في البحر، وجزءاً في الجبال، وجزءاً في السماء الأولى، وجزءاً في السماء السابعة، فجزأتم الإله وهو إله واحد، والله جل وعلا يقول: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ} [النساء:١٧١]، فكبرت كلمة قالوها وخرجت من أفواههم، فالله فوق العرش ويعلم ما عليه العباد، فهذه لوازم باطلة لو ألزمناهم بها لنفروا منها ولقالوا: نحن لا نقول بهذا، فإذا ألزمناكم بهذا وفررتم من هذا القول فارجعوا إلى المنهج الصحيح الذي أخبره الله لنا في الاعتقاد السديد: أن الله جل وعلا فوق العرش وعلمه في كل مكان.