وكفاك هذا السند المظلم والدعاوى المتهافتة دليلًا على ما في حشو هذا الكتاب من أباطيل وضلالات، فهو يطرح مقدمات بصيغة كاذبة لينتج قضايا كاذبة، وهذا الذي يسمى في المنطق وعند العقلاء بالمغالطة، وليس العجب في وقاحة أدونيس وجرأته على المغالطة وإنّما العجب من الأذهان المستطرقة التي تنجذب لهذره وهذيانه انجذاب الذباب إلى الروائح الكريهة!!.
ولو ذهبنا نتتبع كلام أدونيس واستدلالاته ومقدماته وقضاياه لوجدناها أوهن من بيت العنكبوت، ولو تظاهر معه كل ملاحدة الأرض فإنهم سيقفون أمام صرح الإسلام كالّين ضعفاء؛ لأنهم ما استطاعوا أن يظهروه واستطاعوا له نقبا، وهذه ليست مجرد دعوى، بل نحن نرى أن المقبلين على اعتناق الدين من غير المسلمين من علماء التجربة والدارسين، ما يدل على عظمة هذا الدين وقوة منطقه وحجته وكيف لا يكون كذلك وهو الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} (١).
وإن المطلع على أخبار وسير علماء الأحياء والتشريح والذرة والفضاء والطب والنبات والفلك والجيلوجيا يجد أن جمهورهم يؤمن بوجود اللَّه وتدبيره للكون والحياة عن قناعة ويقين وبرهان، ولكن لم ينتفعوا بإيمانهم في حياتهم وسلوكهم لعوارض أخرى، ليس منها الإلحاد، الذي شغف به أدونيس وأتباعه.
بل إن هذه الحضارة المادية والتقنية الانتاجية والمكتشفات الحديثة التي قامت على أساس العلوم التطبيقية والتجريبية وغيرها من العلوم البحتة، إنّما قام بها متدينون من اليهود والنصارى أي: أنهم ليسوا ملاحدة.
فلم يربط المرتكسون من أبناء الشرق النهضة بالإلحاد والتقدم بمعارضة النبوة والشرع وهم لا تقنية أجادوها ولا علوم أفادوها، بل حتى إلحادهم