للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك بترك المآذن، وترك الوحي والغيب ويرمز له بترك الملائكة، ويحلم بمدن غير المدينة والكوفة؛ لأنه يريد واشنطن وباريس ولندن وموسكو، ثم ينادي بهدم كل ما سبق، في عبارات رمزية مهترئة مهتوكة اهتراء فكره المعوج، يقول أدونيس:

(ها غزال التاريخ يفتح أحشائي، نهر العبيد يهدر

لم يبق نبي إلّا تصعلك، لم يبق إله

نجيء نكتشف الخبز اكتشفنا ضوءًا يقود إلى الأرض

اكتشفنا شمسًا تجيء من القبضة، هاتوا فؤوسكم نحمل اللَّه كشيخ يموت

نفتح للشمس طريقًا غير المآذن، للطفل كتابًا غير الملائك

للحاكم عينًا غير المدينة والكوفة هاتوا فؤوسكم) (١).

والشاهد هنا رفض الدين والوحي ورفض أن يكون للطفل كتابًا من الدين الذي جاءت به الملائكة.

ويقول مقررًا خرافة الملاك والزهرة:

(انظر ملاك يهبط من الزهرة) (٢).

فهو يكذب بالحق ويجحده، ويؤمن بالكذب ويقرره، وقد رأينا في الفصول الماضية هذه الحقيقة بجلاء، في جحده لوجود اللَّه وربوبيته وألوهيته، وإيمانه بالوثنيات الفينيقية والإغريقية وغيرها، وهذا من أعظم الأدلة على ضلال عقول أهل الكفر والإلحاد {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (٣).

وتبلغ به وقاحته وجرأته على اللَّه تعالى وملائكته حدًا كبيرًا، في تحريض على الكفر والاستخفاف باللَّه تعالى وملائكته، وغزو منتهك لحرمة


(١) المصدر السابق ٢/ ٢٦٦.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٢٩٩.
(٣) الآية ٤٤ من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>