للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم تلوت أكفهم واستجاروا

وهو يدنو، كأنه احتثَّ ريحا

مستبيحا

مستبيحًا، مهددًا، مستبيحا.

من رآها، دجاجة الريف، إذ يمسي عليها المساء في بستانه؟

حين ينسل نحوها الثعلب الفراس، يا للصريف من أسنانه!

وهي تختض، شلها الرعب، أبقاها بحيث الردى -

كأن الدوربَ

استلها مارد، كأن النيوبا

سور بغداد موصد الباب لا منجى لديه، ولا خلاصٌ ينال

هكذا نحن، حينما يقبل الصياد عزريل:

رجفة فاغتيال) (١).

فهو يسمي ملك الموت ثعلبًا، ووصفه بأنه لديه نصل يأخذ به الأرواح وهو الوصف نفسه الذي قاله أدونيس وغيره، ويغلب على الظن أنهم تلقوا هذا عن خرافات النصارى أو اليهود ثم يصف ملك الموت بأنه ما جاء لقبض الروح إلّا لأن أسنانه جوعى!!، وأنه مهددٌ للحياة ونظارتها وحلاوتها ومستبيح.

والاستباحة للشيء لا تكون إلّا إذا كان محرمًا من قبل، ثم يصفه بأن أكفه مصبوغة بالدماء وفي عينيه نار، ثم يمثله كالثعلب ينسل إلى الدجاج في الحظيرة، وهي أوصاف ملصقة بهذا الملك الموكل من اللَّه تعالى يقبض الأرواح تدل على انحراف القائل وعدم توقيره لما ألزم الشرع بتوقيره.


(١) ديوان السياب: ص ٤٤٧ - ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>