للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللاهوت الطبيعي يعتمد على التجربة والعقل وحدهما دون الرجوع إلى الوحي، ويقابله عندهم اللاهوت المنزل ويعتمد على النصوص المقدسة (١).

وإذا تعرضوا لدراسة الوحي ونصوصه تخاطروا بألفاظ تلقوها عن أساتذتهم، وتنافروا بالمصطلحات الغربية على أساس أنها هي الحق والحقيقة والعلم، من أمثال "الفيلولوجيا" وهي الطرق التي تستهدف إنجاز نص، وتسهيل قراءته ونقده، ودراسة النقدية من خلال الوجهتين التاريخية والمقارنة (٢).

وقد استخدموا هذا المنهج النقدي تبعًا لسينوزا وغيره، وحاولوا من خلال هذا النقد هدم نصوص الكتاب والسنة كما فعل الغربيون في الكتب المحرفة، أو التشكيك في ثبوتها وصحتها أو في مدلولاتها القطعية، كما أنهم استعملوا لهذا الغرض الأخير منهج التأويل المعاصر الذي يطلقون عليه مصطلح "هرمنيوطيقيا" وهي طريقة تأويل، تدرس المبادئ المنهجية في التعامل مع النصوص وتفكيك رموزها وكشف أغوارها، وتستهدف في ميدان الوحي - الذي هو أهم ميدان للهرمنيوطيقيا الدراسة التأويلية للرموز والاستعارات، وتعني استخلاص المعنى الكامن انطلاقًا من المعنى الظاهر، أو الانطلاق من المعاني المجازية بحثًا عن المعاني الحقيقية.

وقد استخدم هذا المصطلح في أول الأمر في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني "الكتاب المقدس" عند الأوروبيين من يهود ونصارى، ثم اتسع مفهوم هذا المصطلح ليشمل كل العلوم الإنسانية، غير أن الحداثيين والعلمانيين في سياق تبنيهم لسبينوزا ومناهجه، توجهوا إلى الوحي من كتاب وسنة لدراسته على أساس المنهج التأويلي "الهرمنيوطيقي" حسب مفهوم تعبير الغربيين، وتعريب المستغربين (٣).


(١) انظر الثيولوجي في: المعجم الفلسفي: ص ١٦٠ - ١٦١.
(٢) انظر الفيلولوجيا في: معجم المصطلحات المعاصرة لعلوش: ص ١٧١.
(٣) انظر عن "الهرمنيوطيقيا": معجم المصطلحات الأدبية لسعيد علوش: ص ٢٢٤ - ٢٢٥، =

<<  <  ج: ص:  >  >>