للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المصطلحات التي تقمصها المنهزمون من أبناء المسلمين في دراستهم للوحي مصطلح "التاريخية" أو "التاريخانية"، وقد أغرم بهذا المصطلح إلى حد التقديس محمد أركون ونصر أبو زيد، ويفضل أركون استخدام التاريخية ويفصل بينها وبين التاريخانية، على اعتبار أن التاريخانية هي التي تقول بأن كل شيء أو كل حقيقة تتطور مع التاريخ وتهتم بدراسة الأشياء والأحداث من خلال ارتباطها بالظروف التاريخية، ويرى أركون بأنه يجب تجاوز هذا المعنى إلى "التاريخية" التي تسمح وحدها بتجاوز الاستخدام اللاهوتي أو القومي، وبشكل عام الإيديولوجي للتاريخ (١).

وقد عرفت كتب المعاجم الفلسفية "التاريخية" (بأنها صفة لكل ما هو تاريخي مميز عن الخرافي أو الخيالي، كما أنها من جهة أخرى ميزة الإنسان الذي يعيش التاريخ ويحياه باعتباره كائنًا تاريخيًا وكائنًا زمانيًا، والنزعة التاريخية هي النظر إلى كل موضوع معرفي على أنه نتاج حاضر ناشيء عن التطور التاريخي، أمّا أصحاب المذهب التاريخي فيرون أن الأحداث والظواهر الاجتماعية تتصف بالنسبة التاريخية، وهي على ذلك غير قابلة لأن تدرس على غرار الظواهر الطبيعية) (٢).

ويتعامل المستغربون مع الوحي على الطريقة الغربية، باعتباره فكرة من الأفكار ويدرسون كيفية انتشاره، والنزعات التي أثرت في وجوده، وتطوره، مستبعدين قضية عصمة الوحي وعصمة المبلغ ووحدانية الموحي والآمر به، ثم يصدرون بناء على دراسة الظروف والملابسات والأوضاع التي مرت بها نصوص الوحي -وفق معلوماتهم، وحسب أغراضهم ومقاصدهم- الأحكام على النصوص وخاصة القرآن عند المستغربين من أبناء الشرق، ويطبقون


= ومعجم المصطلحات والشواهد الفلسفية: ص ٩٠ - ٩١، وإشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر أبو زيد: ص ١٣، ٢٠، ٢٧، ٣٠، ٤٤.
(١) انظر: الفكر الإسلامي قراءة علمية لأركون: ص ١٣٩.
(٢) معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية: ص ٤٨. وانظر: معجم المصطلحات الأدبية لسعيد علوش: ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>