وهذا افتراء آخر ووصف للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه بالتخلف.
ثم يتحدث عن علاقة القرآن باللغة ويرى وجوب تجاوز تفسير القرآن وفق معهود العرب في لغتهم، ثم يوجب دراسة القرآن وفق مناهج الفهم التاريخي الذي يراد به إلقاء ظلال الريبة على النص القرآن المعصوم تمهيدًا لاقتلاعه، وفي السياق يضرب أمثلة لمناهج الفهم التاريخي التي يريد تطبيقها فيقول:(. . . تعترض دارسي القرآن مشكلات أخرى لا حل لها إلّا بتوسل مناهج الفهم التاريخي، فمع أن في الأخبار المتواترة حول جمع النص القرآني من البساطة والحزم ما يشجع على التصديق بها، إلّا أن البساطة والحزم القاسر -وهما علامة كل الحلول الفردية المتسلطة للقضايا المعقدة- يفيدان بإغلاق باب البحث أكثر من فائدتهما التاريخية، ما هو بالضبط الذي استثنى من مصحف عثمان، وعلى أية أسس تمت الاستثناءات؟.
وهل يُمكننا اعتبار الأحاديث القدسية بمثابة استثناءات مقصودة أو غير مقصودة؟، وهل بإمكاننا التدليل على أن خبر الغرانيق ينتمي إلى هذه الاستثناءات؟، وما كانت الأسس العقائدية أو السلطوية أو القبلية التي أسهمت في الشكل الذي اتخذه هذا المصحف؟، وكيف تشكل لدى عرب صدر الإسلام مفهوم الدين المدون؟، وقد أشار إلى هذا الأمر من منظور مختلف، إسماعيل مظهر (١) عندما كتب: "ليس في السير القديمة ما يدلنا على أن النبي قد أمر بمثل هذا الجمع ومثل هذا الترتيب، على أن مجهودات عثمان أمير المؤمنين في هذا الصدد غير محمودة، فلدينا في
(١) إسماعيل مظهر، كاتب مصري، صنف وترجم الكثير من الآثار، وكان عضوًا في مجمع اللغة العربية، تلقى تعليمه في مصر، ثم سافر إلى جامعات لندن فتخصص في علوم الأحياء، ولكن ظل مهتمًا بالحياة الأدبية والفكرية واللغوية، أسس مجلة العصور، ورأس تحرير مجلة المقتطف ١٣٦٤ - ١٣٦٧ هـ/ ١٩٤٥ - ١٩٤٨، وأسهم في تحرير دائرة المعارف التي أشرفت عليها مؤسسة فرنكلين الذراع الثقافي للمخابرات الأمريكية، ولد سنة ١٣٠٨ هـ/ ١٨٩١ م، وترفي سنة ١٣٨١ هـ/ ١٩٦٢ م، من عقائده الضالة التشكيك في ثبوت القرآن. انظر: الصراع بين القديم والجديد ٢/ ١٢٧٦.