للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق مسدودة وخير مثال على ذلك أنسي الحاج، فإذا كان الرجل قد كابر واستمر ونشر ثلاث مجموعات بعد إيقاف مجلة شعر، فإن هذه المجموعات لتشهد على سقوطه السريع في "النمط" و"التكرار". . .، وهكذا أثبتت التجربة أن قصيدة النثر هي شكل من أشكال التعبير النثري التي تتشبه بالشعر للاستفادة من بعض خصائصه، وليس فيه ما يبرره سوى ذلك) (١).

وقد ذكر مؤلف "أسئلة الشعر" مدى الحيرة والاضطراب عند الحداثيين في تفسير مصطلح حداثة، ثم تجربة مجلة شعر واصطدامها بالجدران إثر عبثها باللغة والشعر من خلال طروحاتها، ثم يأتي بنموذج من شعر الانحطاط العربي الحديث، من كلام أنسي الحاج، مقطوعة بعنوان "حديث مع أبي التهوف" تثبت مقدار الانحطاط الحداثي (٢).

وفي الحقيقة أن ما ينطبق على قصيدة النثر ينطبق أيضًا على أنماط أخرى من الحداثة، ويصح إطلاقه على مشاريع حداثية عديدة، ولكن المكابرات الحداثية ما تزال تضرب بأطنابها على قلوب الحداثيين.

وبعد هذه النصوص العديدة التي تبين مدى تفاهة "قصيدة النثر" وهي شهادات من داخل الاتجاه الحداثي، يُمكن لنا أن نتبين إلى حد بلغ الكذب الفكري والادعاء الحداثي والتدنيس الاعتقادي عند نزار قباني حين يجعل قصيدة النثر تعود في أصولها إلى القرآن.

وليست هذه الوحيدة من أوابد هذا الحداثي، بل له أقوال أخرى من قبيل قوله: (ويسألونك عن الشعر قل الشعر من علم ربي) (٣).

ويشبه قول نزار قباني الذي يلحق فيه قصيدة النثر بالقرآن قول الحداثي اليمني عبد العزيز المقالح الذي يخلط فيه الأمور خلطًا حداثيًا معهودًا، وذلك في قوله: (المفهوم الحقيقي للشعر عند العرب وعرب الجاهلية بخاصة


(١) المصدر السابق: ص ٦٩، ٧٠.
(٢) انظر: أسئلة الشعر: ص ٣٣.
(٣) فتافيت شاعر: ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>