للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين ما اختاروه لأنفسهم من مذاهب باطلة يغلفها عناد أجوف وشبهات عارمة يحاولون بها أن يقذفوا في وجه الحق بأي دعوى ولو كانت صفراء باهتة كالحة كلاحة أفكارهم، ولو كانت متناقضة تناقض عقائدهم.

ومن هذا القبيل -أعني إلحاق القرآن بالشعر- قول البياتي:

(خرجت من نار الشعر الآيات.

ونبيو الثورات

فلماذا شاعرنا مات؟

فوق رصيف مهجور، منتحرًا بفقاعات الكلمات) (١).

وقبل أن استرسل في ذكر شواهد من الحداثة الأدبية على انحرافاتهم في باب الكتب المنزلة والقرآن خاصة، أود أن أستأنف الحديث كرة أخرى مع الحداثة الفكرية، بعد أن سردت جملة من أقوال فلاسفة الحداثة ونقادها.

فها هو أحدهم يهاجم سيد قطب (٢) -رحمه اللَّه- ومنهجه في التركيز على قضية الحكم بما أنزل اللَّه والذي سماه "المشروع القطبي"، وفي هذا السياق يعترض على سيد احتجاره -حسب زعمه- حق فهم القرآن وإدانة كل من يخالفه (٣)، وهو بهذا لا يدين سيد قطب وحده بل يدين كل اتجاه


(١) ديوان البياتي ٢/ ٤٤٣.
(٢) هو: سيد بن قطب بن إبراهيم، كاتب إسلامي شهير وداعية كبير، ولد في قرية من قرى أسيوط عام ١٣٢٤ هـ، أرسلته الحكومة المصرية للدراسة في الغرب فعاد من هناك مقتنعًا بزيف الغرب وأمريكا خاصة، وبأن الحل في الإسلام وحده، وانضم إلى الإخوان بعد الثورة المصرية فسجن، فعكف على تأليف الكتب ومنها كتابه الكبير الشهير "في ظلال القرآن" وكتابه "معالم في الطريق" وغيرها من الكتب التي انتشرت في كل بقاع العالم الإسلامي لقيت قبولًا هائلًا وأحدثت تأثيرًا كبيرًا وخاصة بعد أن قتله جمال عبد الناصر سنة ١٣٨٧ هـ. انظر: الأعلام ٣/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٣) انظر: قضايا وشهادات ٤/ خريف ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ: ص ١٧، والقول لسعد اللَّه ونوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>