للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعاظ علنًا باسم الإسلام، فإن هذه الدعوة ليس مصدرها النص القرآني بل مصدرها أن الواعظ المسلم يتكلم لغة عبرانية من دون أن يدري، فمن مطلع القرن الهجري الأول كان الفقه الإسلامي يتلقى علومه بحماسة كبيرة في مدرسة التوراة، وكان موضوع الطمث قد أعيد إلى خانه "النجاسة" من جديد، فتحولت المرأة المسلمة خلال فترة الطمث إلى امرأة "غير طاهرة" مرة أخرى، وعمد الفقهاء إلى إبطال صلاتها وصيامها طوال أيام المحيض في فتوى، لا تستند إلى نص القرآن بل تستند إلى قول التوراة "كل شيء مقدس لا تمس، وإلى المقدس لا تجيء". . . فحجاب المرأة ليس شريعة من أي نوع بل منهجًا تربويًا مكتوبًا بلغة السحرة، قاعدته النظرية أن "المرأة مخلوق نجس" وقاعدته العملية أن يقنع المرأة نفسها بقبول هذه الشخصية، وهي كارثة تحققها فكرة الحجاب. . .، فالمرأة المحجبة لا تخفي نفسها كالطفل داخل عباءة؛ لأنها امرأة ورعة بل لأنها امرأة مسحورة، تعرضت لحرب نفسية رهيبة، شنها السحرة ضدها طوال ثلاثة آلاف سنة، ضمن خطة تربوية مكتوبة بلسان أكبر ساحر في العالم، وقد نجم عن هذا الضغط الهائل شل عقل المرأة وتدنيس جسدها، وأتاح إدانتها -شرعيًا- بأنها "ناقصة عقل دين" وأحالها إلى مخلوق مريض في حاجة ماسة إلى رحمة اللَّه، إن الحجاب فكرة فظيعة إلى هذا الحد) (١).

إن هذا القول يعطينا صورة عن الجهل الكبير الذي يعيشه الحداثيون والعلمانيون، والمغالطات الجلية التي يتخذونها في سبيل مضادة الإسلام والحق والدين، ومن يطلع على هذا القول وأشباهه الكثيرة لهذا "النيهوم" يحمد اللَّه على العقل والسلامة من داء الجهل، ونظرة عجلى من أحد عامة المسلمين لهذا الكلام -فضلًا عن متعلميهم- يدرك مقدار الجهل والعته الفكري والضلال المبين {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلًا


(١) الناقد - العدد ١٣ تموز ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٦ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>