للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧)} (١).

ويفتح أحد الحداثيين باب التأويل لنصوص الشرع، ولكنه ليس التأويل الكلامي الذي كان أهل الكلام يقولونه في ظل إيمانهم بالنص الشرعي جملة وعلى الغيب، ولكنه التأويل الحداثي القائم على المادية وجحد الشرع جملة وتفصيلًا، يقول: (تخطي ظاهر النص والاهتداء بروحه يفتح ولا شك باب التجديد والتطور على مصراعيه لجهة مستلزمات الحياة اليومية. . .، أصحاب الآفات الطبقية يؤثرون التقيد بحرفية النص والالتزام بجزئيات القواعد، وبظاهر التعاليم والشعائر بدل الغوص في بحر التبحر والتأويل الواسع) (٢).

من المؤكد أن عدوى الباطنية لم تعد مقصورة على الطوائف الإسماعيلية والنصيرية والدرزية وأشباهها، بل امتدت على نطاق واسع تحت شعار التحديث والعلمانية ولافتات "الإسلام المنفتح المستنير" والجامع بين الاتجاهين تخريب الدين وهدم قاعدة التشريع والتدين.

والقول السابق في فتح باب التأويل العلماني للنصوص، نادى به توفيق الحكيم حين سئل (هل يُمكن لدولة عصرية اعتماد الإسلام كنظام حكم؟) فأجاب: (ممكن، ولكن يتعين اعتماد تفسيرات جديدة تتفق والمفاهيم العصرية، والمؤسف تبنى البعض تفسيرات القرون الوسطى للنصوص الدينية) (٣).

لقد شرق الحداثيون والعلمانيون بالإسلام الذي صمد أمام هجوم أساتذتهم الغربيين، ثم أمام دسائس أتباعهم اللادينيين من أبناء المسلمين، فما وجدوا وسيلة لتجاوزه وإبطاله إلّا بخلخلته ومحاولة إفساده من الداخل، كما حاول الباطنيون من قبل، وما الدعوات الحداثية التي تنادي بتفسير القرآن تفسيرًا يتفق مع المفاهيم العصرية، أو تأويله تاويلًا يتخطى ظاهر


(١) الآيتان ١٧٦ - ١٧٧ من سورة الأعراف.
(٢) رأيهم في الإسلام: ص ٨٢، والكلام للعلماني حسين أحمد أمين.
(٣) المصدر السابق: ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>