للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدرات كشفاء المرضى وإتيان بعض الخوارق معجزة. . .، فهذا لا يعني مع افتراضها كذلك أن اللَّه قد اتصل بهؤلاء البشر ليلهمهم إياها. . .، مثل هذا القول يؤدي بنا إلى طريق تحفه الحيرة والغموض والأشواك. . .، فماذا لو ادعى أحد العلماء أن اختراعه ملهمة ألهمه اللَّه إياها، وماذا لو سار في الطريق لنهايته وادعى النبوة طالبًا من الغير أن يأتي بمثلها، وماذا لو عجز هذا الغير!! هل نعترف بمثل هذا العالم نبيًا مرسلًا؟! مثل هذه الاستنتاجات تجرنا في النهاية لمتاهات تضيع فيها ومضة العقل البشري ليتحول إلى قطعة من الصفيح الصديء. . .، ويتوه داخل اللامعقول، لذلك فيجب للثبت من صدق الادعاء لقيام مثل هذه الصلة المفترضة باللَّه أن يثبت بدءا (١) ذي بدء حقيقة هذه الصلة وصحة وجودها، لا أن يفرض على الإنسان الإيمان بها متحاجًا في ذلك بالمعجزة المتمثلة في الاختراع أو الاكتشاف أو إبراء الأكمه أو كلمات منظومة، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك فيفرض على الإنسان الولاء والإيمان بأمور أخرى هلامية لا يفهمها العقل ولا يستسيغها المنطق) (٢).

ثم يطرح سؤالًا إلحاديًا يمهد به لشكوكه وخرافاته التافهة: (هل الكتب السماوية من عند اللَّه؟) (٣).

ثم يقول بعد ذلك: (إذا كانت الإجابة بالإيجاب فكل ما جاء بالكتب السماوية من تأليف اللَّه هو المؤلف العظيم، وما الأنبياء إلّا مستقبلين؛ ولأن اللَّه كامل لا يخطيء، إذن فكل ما جاء بالأديان من أحكام واجبة الطاعة، والطاعة العمياء، ومن ثم لا يصح ولا يجوز نقاشها، ويجب الأخذ بها في كل التشريعات الوضعية، كل صغيرة وكبيرة، ومنكرها متمرد على قانون اللَّه وجب عقابه وسحقه، هذه الأحكام كل لا يتجزأ وحدة واحدة، وإذا كان هذا كذلك، وإذا كان ما ورد بها من أحكام ليست سوى قوانين أملاها اللَّه على البشر فيمتنع حيالها أن يفسرها دون الخروج على نصها،


(١) هكذا والصواب: بادئ.
(٢) و (٣) مسافة في عقل رجل: ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>