للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى اللَّه وتعريف الطريق الموصل إليه، وبيان حالهم بعد الوصول إليه، وتوضيح الأصول التي عليها مدار الخلق والأمر، وهي ثلاثة:

الأول: ويتضمن إثبات الصفات والتوحيد والقدر وذكر أيام اللَّه في أعداء اللَّه وأوليائه وهي القصص التي قصها اللَّه على عباده والأمثال التي ضربها لهم، والأصل الثاني: يتضمن تفصيل الشرائع والأمر والنهي والإباحة وبيان ما يحبه اللَّه وما يكرهه، والأصل الثالث: يتضمن الإيمان باليوم الآخر والجنة والنار والثواب والعقاب، وعلى هذه الأصول مدار السعادة والفلاح، ولا سبيل إلى معرفتها إلّا من جهة الرسل، فإن العقل لا يهتدي إلى تفاصيلها ومعرفة حقائقها، وإن كان قد يدرك وجه الضرورة من حيث الجملة، كالمريض الذي يدرك الحاجة إلى الطب ومن يداويه ولا يهتدي إلى تفاصيل المرض وتنزيل الدواء عليه.

وهذه الأصول وغيرها مما يترتب عليها من العلوم والأعمال مما جاء به الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام الناس في حاجة إليها أعظم من حاجتهم إلى غيرها من العلوم والأعمال، بل أعظم عن حاجتهم إلى النَّفَس والطعام والشراب؛ لأن غاية ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن وتعطل الروح عنه، وأمّا يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة، وهلاك الأبد، وشتان بين هذا وهلاك البدن بالموت، فليس الناس قط إلى شيء أحوج منهم إلى معرفة ما جاء به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- والقيام به والدعوة إليه والصبر عليه وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه، وليس للعالم صلاح بدون ذلك البتة، ولا سبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلّا بالعبور على هذا الجسر (١).

الثاني: أن العقل لا يستغني عن الرسالة بحال من الأحوال ولا يُمكن له أن يعرف تفاصيل الحق والخير والسعادة إلّا بهدي اللَّه الذي بعث به رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام.


(١) القضية الأولى هذه مأخوذة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم مع تصرف يسير، من كتبهم: مجموع الفتاوى ٩/ ٩٣ - ٩٦، وزاد المعاد ١/ ١٥، ومفتاح دار السعادة ٢/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>