للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياة سفاح ودعارة، والقارئ لرواية "ضياع في سوهو" (١) أو كتاب "سقوط الحضارة" يجد الشواهد الكثيرة على هذا، أمّا ما كتبه هؤلاء وغيرهم عن معاشراتهم الجنسية ومعاقرتهم للخمر والمخدرات وأنواع المنكرات فأكثر مما يحصى.

٢ - أن الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام قد اتفقت فى عوتهم من أولهم إلى آخرهم في أصل الدين وهو توحيد اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ونفي ما يضاد ذلك أو ينافي كماله.

واتفقت دعواتهم على الأمر بالصدق والأمانة والصلة والرحمة والإحسان وغيرها من مكارم الأخلاق، والنهي عن الكذب والخيانة والظلم والعدوان وغيرها من رذائل الأخلاق.

ولا يُمكن أن يتواطأ مجموعة من الناس مختلفة أزمانهم وبلدانهم وأحوال أقوامهم على أشياء معينة لا تختلف، إلّا إذا كان المصدر واحدًا ولو كانوا كاذبين -أجلهم اللَّه ورفع قدرهم- لما اتفقوا على هذه الأمور، وها نحن نرى أحوال الفلاسفة الذين يبحثون عن السعادة للإنسان ونقرأ أقوالهم من عهد اليونان إلى الآن، فنجد بينهم من التناقض والتباين والتضاد الشيء الكثير؛ لأنهم يصدرون عن أهواء نفوسهم ويتأثرون بأوضاع مجتمعاتهم، فتأتي أفكارهم متنوعة متباينة.

٣ - أن الرسل عليهم صلوات اللَّه وسلامه كانوا ألزم الناس لما يدعون إليه، وأثبتهم على ما أمروا به غيرهم، من التوحيد ولزوم طاعة اللَّه والفضائل والأخلاق، وظلوا على ذلك إلى آخر أعمارهم في ثبات وصدق ومطابقة بين ما يدعون إليه وما يعملونه، وقد قال اللَّه لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦)} (٢)، والمتكلف لا يُمكنه الثبات على الخصال التي يدعو إليها طوال عمره.


(١) ضياع في سوهو وسقوط الحضارة كتابان لكولن ولسون.
(٢) الآية ٨٦ من سورة ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>