فالمطابقة التامة بين القول والفعل من أعظم خصائص الأنبياء ولا يكاد يتفق ذلك لأحد من الخلق، وهذا من دلائل نبوتهم.
٤ - أن المدعي للنبوة لابد أن يظهر صدقه أو كذبه في:
أ - نفس ما يأمر به.
ب - فيما يخبر به.
جـ - فيما يفعله.
فإذا نظرنا في أحوال الرسل الكرام وجدنا أمرهم بالحق والخير والهدى والرشاد والفلاح.
ووجدنا أخبارهم صادقة مطابقة للواقع، سواء أخبار ما مضى أو أخبار ما يأتي بعدهم.
ووجدنا أفعالهم أفعال صلاح ورشد وهدى.
وكل ذلك لأنهم صادقون، والصدق يهدي إلى البر (١).
أمّا غيرهم من مدعي النبوة كذبًا، أو من فلاسفة الأمم وحكمائها فإن نجد في أمرهم من الباطل والفساد والشر ما يدل على سوء مسالكهم وخبث طرائقهم وأحوالهم، ونجد فيما يخبرون به من الكذب والتناقض الشيء الكثير، كما نجد في أفعالهم من الفساد والعدوان والانحراف ما يشهد على ضلالهم، وكل ذلك لأنهم ابتعدوا عن هدى اللَّه فتلبسوا بالكذب، والكذب يهدي إلى الفجور.
وهذه الأمور تدرك بالعقل والملاحظة، حتى أن الناس تميز في الصناعات والمقالات بين الصادق والكاذب المدعي، ويُمكنهم التعرف على أحوال الرجل من حب وبغض وفرح وحزن، ويظهر ذلك على وجهه،