وهذا الإطار الفكري الأصولي الغربي الشامل هو "الفكر المادي الإلحادي" وفحوى هذا الفكر هو:
(أ - أن الواقع الموضوعي يتكون في النهاية من لبنات مادية متناهية الصغر في حجمها متحركة في فراغ.
ب - أن كل ما في الوجود فهو إمّا هذه اللبنات، وإمّا أشياء مركبة منها، وإمّا علاقات بينها وما سوى ذلك فلا وجود حقيقي له.
جـ - أن طبيعة هذه المركبات سواء كانت أجسامًا جامدة أو كائنات حية، أو جماعات بشرية تفسرها في النهاية طبيعة اللبنات المكونة لها، هذا على الرأي السائد بين جمهرة المشتغلين بالعلوم الطبيعية، وهنالك رأي لكثير من فلاسفة العلوم يقول: إن المركبات تكتسب بحكم تركيبها طبيعة جديدة لا يُمكن ردها إلى الأجزاء المكونة.
د- أنه ينبغي لذلك أن نلتمس تفسير الظواهر النفسية والاجتماعية والحيوية والفيزيائية في أسباب ضمن هذا الكون المادي، أي أن الكون المادي كون مكتفٍ بنفسه، غير محتاج إلى قوة خارجية تخلقه أو ترسم مساره أو تدبر أمره.
هـ- ولذلك فإن كل عبارة تنطوي على دعوى تخالف في ظاهرها هذا التصور فإمّا أن نحكم ببطلانها وإمّا أن نعيد تفسيرها، بحيث نجد لها مكانًا داخل هذا الإطار الإلحادي المادي.
و- وكل ظاهرة يدعى أنها خارقة لقوانين الطبيعة فهي إمّا كذب أو وهم لا أساس له.
ز- وكل تفسير للظواهر النفسية أو الاجتماعية. . . الخ بأسباب خارج هذا الإطار لا يعتبر تفسيرًا علميًا، أي أن التفسير العلمي هو بالضرورة تفسير إلحادي، حتى أن كلمة العلم أصبحت في العالم كله تقريبًا علمًا على هذا التصور الإلحادي للعلم) (١).