هذه الفلسفة المادية الإلحادية هي التي تشكل النظرة الكلية للإنسان الغربي والتي من خلالها ينظر إلى الحقائق العلمية والأحداث والمبتكرات والمتغيرات، والأحوال النفسية والاجتماعية، والممارسات السياسية والقانونية والاقتصادية والتربوية.
ويُمكن تصنيف مثقفي الغرب إزاء هذه الفلسفة المادية المكونة لمجمل النظريات والفلسفات الغربية إلى عدة أقسام:
القسم الأول: الملاحدة الصرحاء الذين يأخذون هذه الفلسفة المادية أخذًا كاملًا، ويعلنون كفرهم باللَّه والنبوات والمعاد وبالدين كله جملة وتفصيلًا.
القسم الثاني: منهم من يقبل هذه الفلسفة المادية الإلحادية كمنهج علمي يتخذه إطارًا لفكره وفلسفته وقانونه ومجتمعه، وينتهجه إذا دخل معمله أو كتب أبحاثه، ويتخلى عنه إذا ذهب إلى كنيسته أو بيعته.
القسم الثالث: منهم من يقبله حقيقة ولكنه ينتمي إلى الدين اسمًا؛ لأنه يفسر كل المفاهيم الدينية تفسيرًا ماديًا لا يخرج عن هذا الإطار.
القسم الرابع: منهم من ينكر الفلسفة المادية وينتقدها، إمّا على أساس إلحادي آخر، وإمّا على أساس ديني ينتمي أصحابه إلى أديان شركية خرافية محرفة (١).
أمّا بالنسبة لموقف المثقفين في العالم الإسلامي، الذين تأثروا بالغرب، فإننا نجد أنهم على قمسين:
القسم الأول: الملاحدة الذين يقولون بوجوب أخذ كل ما لدى الغرب، وخاصة هذا الإطار الفلسفي الإلحادي؛ لأنه يمثل -عندهم- أساسي التطور والتنوير والتقدم والحضارة، ويرون أن هذا التصور هو الذي يقتضيه العصر، والذي يعتبر متخلفًا عن عصره كل من لا يقول به.