للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوصول إلى هذه الحضيض من الانحراف، وقد استجاب له الحداثيون فعلًا، وسلكوا مسلكه ومسلك رامبو، وسوف يأتي في شواهد هذا الوجه ما يؤكد ذلك.

ومن المقارنات العجيبة أن نجد أن أدونيس وأتباعه يطالبون بشتم الأنبياء والاستهانة بهم، وفي ذات الوقت يقدسون الأوثان ويقيمون لها أعظم الاعتبارات ويلوذون بها فكريًا، ويجعلونها ملهمة لأعمالهم وإنتاجهم، بل وسياساتهم وهويتهم، وقد ذكرت شواهد كثيرة في الفصل الرابع من الباب الأول من هذا البحث.

هل بعد هذه المقارنة الأكيدة من دليل يدل على أن الحداثة ليست سوى شعار لبسه أعداء دين اللَّه ليصدوا عنه ويحاربوه ويناقضوه؟.

وقد ذكرت أقوالًا عديدة للضال عزيز العظمة ينفي فيها النبوة والوحي ويجحد وجود الأنبياء، ومن ذلك مقاله الذي يدافع فيه عن المرتد سلمان رشدي في كتابه "الآيات الشيطانية"، واستدلاله بقصة الغرانيق المكذوبة وتأكيده أنها صحيحة حيث يقول: (ليس ثمة سبب تاريخي للطعن برواية الطبري بل هي أقرب إلى العقل من الرواية التقليدية، التي ترى في الإسلام شأنًا ولد كاملًا مكتملًا خارجًا عن نصاب وقائع وطبائع التاريخ. . . التوحيد الإسلامي ولد على تخوم الوثنية وغيرها من الأديان، وأن الإسلام في تطوره تعاطى مع وقائع اله سيحية واليهودية، وأنه تعاطى مع الوثنية المكية الطواف، السعي، تقديس الحجر الأسود، ولا تمتنع الدبلوماسية الدينية التي مارستها عبقرية محمد، بل إن العلاقة بين الآلهة والمواضع الحرم السياسية والعشائرية والاقتصادية في شبه الجزيرة العربية في عصر محمد وقبله شأن معروف للمؤرخين حتى الإسلاميين منهم) (١).

هذا النص نموذج للحقد الكامن في قلب هذا النجس على الإسلام وأهله، ودليل على الجهل أو التجاهل المقصود، فهو يصحح قصة الغرانيق


(١) الناقد- العدد ٩ آذار ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٩ - ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>