للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)} (١).

والذي يقوله أهل الحداثة والعلمنة اليوم من هذا القبيل كثير بلسان المقال والحال، ومن أعظم ما يشهد على ذلك الدساتير العلمانية الوضعية، والمناهج الثقافية والفكرية المادية التي يسعون في نشرها وبثها وترسيخها بين المسلمين، على اعتبار أنها هي التي تتفق مع العقل وتحقق المصلحة وتوصل إلى النهضة، وهذا وحده كاف في الدلالة على اتهامهم لدين اللَّه بالنقص والتخلف والرجعية، ولكنهم لا يكتفون بهذه الدلالة الضمنية الواضحة، بل يصرحون بكل جرأة أن الإسلام لا تصلح أحكامه لهذا العصر، أو أنها أحكام بشعة وغير حضارية وغير عقلانية، وغير ذلك من أقوال أهل الحداثة والعلمنة التي امتلأت بها كتبهم ومجلاتهم ومنابرهم وقاعاتهم {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر} (٢).

وفي مجال الأدب العربي المعاصر نجد أن الزعم بأن الوحي والنبوة مناقضة للعقل ومسببة للتخلف، من أشهر القضايا التي ينادون بها، ومن أصول فكرهم، حيث نجد أنهم يطرحون بتعصب منقطع النظير وبحماسة ملتهبة مبادئ يجعلونها أساسًا لمألوههم المدعى الذي يطلقون عليه اسم "الابداع"، ومن هذه المبادئ والأسس مما يخص هذا الفصل:

١ - لا حرية للإنسان إلّا بهدم الدين والشريعة والغيب؛ لأن هذه القضايا الاعتقادية -عندهم- من أعظم أسباب التخلف (٣).


(١) الآيات ٥٠ - ٥٣ من سورة الذاريات.
(٢) الآية ١١٨ من سورة آل عمران.
(٣) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة ١٨١، ٢٥٠، ٢٣٧، وقضايا وشهادات ٢/ ٢١٠ من قول عبد الرحمن منيف، ومجلة الناقد العدد ١٠ ص ٢٠ من قول محمد جمال باروت، وله أيضًا في العدد نفسه ص ٢١، ولأمينة غصن في العدد ١٣ ص ٤٣، والحداثة في الشعر العربي المعاصر لمحمد حمود: ص ٣٥١، ورأيهم في الإسلام: ص ١٦٧، ١٦٩ - ١٧٠، ١٧٣ كلام لرشيد بو جدرة، وفيه في ص ١٩٣ =

<<  <  ج: ص:  >  >>