بديع غير منتقض ولا مختل، هل يعقل أن كل هذا جاء بالصدفة أو بالحركة الذاتية للمادة؟.
لا يقول بذلك من يحترم عقله، ويحترم الحقائق والمنطق والبرهان.
ومن هذا المنطلق أقول بأن الملحد الجاحد والكافر المريد، أضعف الناس عقلًا وأضلهم بصيرة؛ لأن هذه الحقائق الضخمة الهائلة العظيمة التي تدل بيقين على وجود اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لم يستطع العقل الإلحادي الضئيل السقيم أن يستوعبها أو يؤمن بها، في الوقت الذي قبل فيه وهم المصادفة الشاردة والحركة المادية العشوائية التائهة.
لنفرض أن معك كيسًا يحوي مائة قطعة من الزجاج تسعة وتسعون منها سوداء وواحدة بيضاء، لو هززت الكيس وأدخلت يدك لاستخراج القطعة البيضاء ستكون الفرصة بنسبة واحد إلى مائة، ولو أعدت هذه القطعة إلى الكيس ثم حاولت سحب القطعة البيضاء مرتين متتاليتين ستكون الفرصة هي بنسبة واحد إلى عشرة آلاف أي المائة مضاعفة مرة "مائة في مائة"، ولو حاولت سحب القطعة البيضاء ثلاث مرات متواليات ستكون الفرصة هي بنسبة واحد إلى مليون وهكذا، فكيف يعقل أن تكون المصادفة أو الحركة المادية العشوائية هي التي أوجدت طائرًا له ريش يطير، وحيوانًا له أقدام يمشي على الأرض، وآخر له زعانف يسبح في الماء؟.
أمّا إذا انتقلنا إلى الإنسان والأفلاك وأطباق الأرض والفضاء فإن الأمر سيصبح من أمحل المحالات، فلا يبقى حينئذٍ إلّا أن هذا الكون المخلوق بدقة ونظام له خالق قدير مريد عليم حكيم سميع بصير حي قيوم.
إن ظهور الحياة بهذا القدر العظيم من النظام والدقة هو تكذيب صريح قاطع لأولئك الذين يزعمون المادية والمصادفة العمياء.
ومن هنا يُمكن أن ندرك بعض معاني قول اللَّه تعالى عن الكفار: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} (١).