إن النقطة التي يتجمد عندها كل فكر واعتقاد لأدونيس لا تعدو أن تكون الإلحاد وأذياله، والحقد على الدين ومقتضياته لم يستطع أدونيس في محاولاته "الإبداعية"!! أن يتجاوز هذه النقطة، فهو يدور حولها، في إجرام باسم الثقافة، وتخريب باسم الأدب، وفوضى جاهلية باسم التجديد، مع تعالٍ أجوف، وحقد أرعن، فهو أسير هذه الأطواق لم يتحرر منها، كما لم يتحرر منها أشباهه الذين يعادون الرسل والرسالات، ويجعلونها من أسباب التخلف ونقائض العقل، حتى أنهم يجعلون أي تفاهة أعظم من الدين والنبوة، ولو كانت تفاهة شعرهم الذي هو أقرب إلى العبث الكلامي منه إلى الكلام المعقول، ومع ذلك يقولون:(وحده الشعر عرف الحقيقة البشعة، عرف كل الحقيقة، أكثر من الأنبياء والآلهة)(١).
ويعبر البياتي بتعبير آخر عن هذا الوجه من الانحراف، وذلك في قوله تحت عنوان "كابوس الليل والنهار" يصف فيها مجيء نبي:
(تحلم الأرض بميلاد نبي يملأ الآفاق عدلًا
تحلم الأرض بميلاد الفصول
وأنا أحمل في الشارع جثه
لأواريها إذا ما هبط الليل، بمبغى أو حديقة
وبمقهي أو بخمارة نور
مخفيًا وجهي عن اللَّه وعنك. . .
والنبي المنتظر.
نائمًا ما زال في الغار وما زال المطر
فوق جدران البيوت الهرمة
وسطوح المدن الحبلى وإعلانات سمساري البيوت
(١) مجلة الناقد - العدد ١٨ كانون أول ١٩٨٩ م/ ١٤١٠ هـ: ص ٨ من مقال لأنسي الحاج.