عينه، وأن ما تم نسجه هو من صميم حياتنا ومن سر أنفسنا، وبهذا الوهم تمكن أن يقود وهو بعيد ونحن نحسب أننا نقود أنفسنا، وأننا نتصرف في أمور الحياة تصرف الحر الذي لا سلطان لأحد عليه، وما تبجح به الناس من حرية واستقلال وكرامة ويقظة وجلاء، لم يكن سوى شعارات كاذبة تخفي تحتها الأعداء الألداء، والعداوات الشديدة للدين والأمة والهوية والكيان والوحدة والحرية والكرامة؛ لأن الذين استلموا بعد جلاء الاستعمار مقاليد الأمر والفكر والرأي والإدارة لم يكن أكثرهم سوى بذور بذرها الاستعمار في أرض المسلمين واستنبتها حتى إذا قامت على سوقها، تعجب الزراع ليغيظوا بهم المسلمين، وسلموها المقاليد وأصبح الأمر في يد من يملكه دون من يبصره ويعرف حقيقته على نور النبوة والوحي.
لقد كان نجاحهم هائلأ في إضفاء "اللون المحلي" على دعاة الضلال ورواده والمدافعين عنه، فوجد المسلمون فجاءة من يخرج من بينهم وهو يطالب بنقض الدين، بل وبمحوه وإزالة آثاره من الحكم والثقافة والمجتمع والتعليم.
ومن يدعو إلى حبس الدين في أضيق نطاق، ومن يتحالف مع اليهود والنصارى لقمع المنادين بعودة المسلمين إلى دينهم في كل شأن.
ومازالت يد الاستعمار الغربي والاستكبار الجاهلي المادي تواصل سيرها في عملية الإجهاز على التدين والتمسك بالدين، بكل طاقاتها الإعلامية والثقافية والتربوية والتعليمية، ولكن من خلال الدمى المعدة سلفًا للقيام بهذا الدور، واللَّه غالب على أمره، وهو ناصر دينه وأوليائه ولو كره المنافقون والكافرون.
وإذا أردنا تطبيقًا حقيقيًا لهذا الذي ذكرناه فإننا لن نجد أصرح ولا أوضح من هذه الفئة الدخيلة المريضة من المستغربين، أرباب الأدب والفكر الحداثي، الذين فرضوا على أنفسهم انقيادًا أعمى لفلاسفة المادية الغربية، من غير سلطان ولا برهان ولا دليل إلّا مجرد الانبهار والشك