محجلين من أثر السجود، ويردون على الحوض الخاص بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويشرب منه كل مسلم متبع لهدي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ويذاد عنه أقوام من هذه الأمة غيروا وبدلوا.
وعندما يجتمع الخلق في الموقف العظيم يشتد عليهم البلاء يأتون إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند ربهم ليأتي سبحانه لفصل الحساب وتخليص الناس من كربات الموقف وأهواله، فكل من أتوه يعتذر، حتى يأتوا الرسول الخاتم -صلى اللَّه عليه وسلم- فيقوم المقام المحمود، فيستأذن على ربه فيؤذن له، فيقوم بين يديه ويحمده بمحامد عظيمة يلهمه اللَّه إياها، ثم يخر لربه ساجدًا، فيأذن اللَّه له، ويسأله ويدعوه فيستجيب اللَّه له، فيشفع أولًا كي يأتي الحق تعالى للقضاء بين الناس، وهو المقام المحمود الذي يحمده أهل الجمع كلهم، ثم يشفع مرة أخرى في أمته.
وفي ذلك اليوم يكون الحساب والجزاء حيث يجيء اللَّه تعالى معه الملائكة لفصل القضاء بين الخلق، ويؤتى كل عبد كتابه، فالمؤمن يأخذه باليمين ويحاسب حسابًا يسيرًا، والكافر يأخذ كتاله بشماله أو من وراء ظهره ويدعو ثبورًا، ويقتص في ذلك اليوم لجميع المظالم بين الخلق الإنس والجن والحيوان.
وفي ذلك اليوم ينصب الميزان لوزن أعمال العباد، وهو ميزان حقيقي لا يقدر قدره إلّا اللَّه تعالى، وهو دقيق لا حيف فيه ولا تطفيف، وتوزن فيه أعمال الناس وذواتهم وصحائف أعمالهم.
ويكرم اللَّه عبده ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك الموقف العظيم بإعطائه حوضًا واسع الأرجاء، ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل ورائحته أعبق من رائحة المسك، وكيزانه كنجوم السماء، ويأتيه الماء من نهر الكوثر الذي أعطاه اللَّه نبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وترد عليه أمته، ومن شرب منه لا يظمأ أبدًا.
ويرد عن الحوض أناس من هذه الأمة بسبب ما أحدثوه بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ردة عن دين اللَّه أو بدع محدثة، أو إسراف في الفسوق والجور والظلم.