وفي ختام ذلك اليوم يحشر العباد إمّا إلى الجنة أو إلى النار، ويطلب من كل أمة أن تتبع الإله الذي كانت تعبد، فالذي كان يعبد الشمس يتبع الشمس، والذي كان يعبد القمر يتبع القمر، والذي كان يعبد الأصنام، أو فرعون وغيرها من الآلهة الباطلة تصور لهم آلهتم ثم تسير أمامهم ويتبعونها إلى أن تتساقط في النار ويتساقط من عبدها وراءها في السعير، ولا يبقى بعد ذلك إلّا المؤمنون والمنافقون الذين كانوا يعيشون مع المؤمنين في الدنيا، فيأتيهم اللَّه جل شأنه، فيقول لهم: ما تنتظرون، فيقولون ننتظر ربنا، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق فيخرون له سجدًا إلّا المنافقون فلا يستطيعون، ثم يتبع المؤمنون ربهم، وينصب الصراط على متن جهنم ويعطى المؤمنون أنوارهم على قدر أعمالهم، ويسيرون على الصراط على قدر هذه الأعمال، ويطفأ نور المنافقين، ويقال لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا، ثم يضرب بينهم بسور له باب باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب.
والصراط هو: الجسر الذي ينصب على جهنم قنطرة إلى الجنة، وهو دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك، ينتهي إليه المؤمنون بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الجسر، ويمرون منه على قدر أعمالهم كالبرق وكالريح وكالطير، ومنهم من يجري ومنهم من يمشي ومنهم من يزحف، والكلاليب تأخذ من أمرت به فمخدوش ناج، ومكدوس في النار.
ويحشر الكفار وآلهتهم التي كانوا يعبدونها إلى النار، يحشرون كقطعان الماشية وينهرون نهرًا غليظًا، ويحشرون إلى النار على وجوههم وهم مغلوبون مقهورون أذلاء خائفون وجلون نادمون، وهؤلاء يلقون في النار ولا يمرون على الصراط.
وعندما يذهب بالكفرة والملحدين والمشركين إلى جهنم، يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل المؤمنون الموحدون، وفيهم أهل الذنوب والمعاصي وفيهم أهل النفاق، وتلقى عليهم الظلمة قبل الجسر، وفي هذا