للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم ينكرون أصلًا صدور الخلق عن خالق، منكرون للنشأة الأولى والثانية ومنكرون في البداية وجود الخالق سبحانه وتعالى.

ولا يحسن مناقشة هؤلاء في أمر اليوم الآخر وما وراء البعث والمعاد والغيبيات، بل يناقشون في وجود الخالق -سبحانه- ووحدانيته أولًا، ثم ياتي إثبات المعاد بعد ذلك؛ لأن الإيمان باليوم الآخر والغيبيات فرع عن الإيمان باللَّه تعالى.

الثاني: الذين يعترفون بوجود الخالق، ولكنهم يكذبون بالبعث والمعاد والنشور والآخرة.

وسلفهم في ذلك كفار الجاهلية الأولى الذين كانوا يعترفون بأن اللَّه خلق السموات والأرض {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ. . . .} (١)، وهم مع ذلك يقولون كما حكى اللَّه تعالى عنهم: {. . . أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} (٢).

والمنطق الجاهلي نفسه يردده المنحرفون المحدثون، حيث يدعون أنهم يؤمنون باللَّه، ولكنهم يزعمون أن اللَّه تعالى عاجز عن إحيائهم بعد إماتتهم وبعثهم بعد فناء أجسادهم.

وهذا القسم هو الذي ضرب اللَّه لهم الأمثال، وساق لهم الحجج والبراهين لبيان قدرته على البعث والنشور، وأنه سبحانه لا يعجزه شيء، وفي مضمون ذلك رد على سائر المكذبين والجاحدين والمنحرفين.

الثالث: الذين يؤمنون بالمعاد على غير الصفة التي جاء بها الشرائع وتحدث بها الوحي، فهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ويؤلون الحق بتأويلات باطلة فاسدة خاطئة، ويزعمون أنهم مهتدون.


(١) الآية ٢٥ من سورة لقمان.
(٢) الآيتان ٦٧ - ٦٨ من سورة النمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>