للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصدر عن أفكار ومعان جاهزة، كان بتعبير آخر: ينقل معاني موجودة قبله: يفسرها وينوع عليها. . .) (١).

وهكذا يقرر أدونيس باطنيته المضادة للوضوح والعقل والنظام بأسلوب ماكر ملتوٍ، في خليط من الحداثة الدهرية والباطنية الإلحادية.

وما يعيبه أدونيس من وضوح ويقين وتحديد هو ما يكرره الحداثيون الصغار من الأتباع المحاكين لأدونيس وأساتذته، ومرادهم بكل ذلك نقد الإسلام القائم على هذه الحقائق الجلية والمعاني اليقينية الثابتة، وهو ما صرح به أدونيس في هذا النص وفي غيره، وهو ما يحوم حوله الحداثيون الذين لا يستطيعون التصريح بمثلما صرح به أدونيس، فيغمغمون ويلوحون!!.

أمَّا نقد أدونيس للوضوح والحقائق المطلقة والأفكار الجاهزة، والتي يعنى بها الإسلام وقضاياه التي ضرب لها مثالًا بغسل اليدين والقدمين إشارة إلى الوضوء وبالإيمان بما سيحدث في الآخرة، هذا النقد الهادم الذي يصبه وسواسًا في قلوب أذياله المنبهرين ليس تهمة أو إدانة يجب دفعها عن الإسلام، إذ الإسلام حقائق ثابتة ويقينيات قاطعة وثوابت صحيحة.

أمَّا الحداثة والإلحاد والعلمنة التي يسعى أدونيس وأضرابه في سبيلها المظلم فليست سوى أفكار جاهزة آتية من صقيع الوثنية الغربية، التقطتها العقول الاسفنجية، فنضحت منها روائح العفن المادي الذي تشربته.

وقوله بأن الشاعر القديم: (يصدر عن أفكار ومعان جاهزة،. . . ينقل معاني موجودة قبله يفسرها، وينوع عليها) (٢). هذا القول ينطبق على الحداثيين بصورة واضحة جلية، فإن الناظر في كتبهم ونتاجهم ومذاهبهم وأفكارهم، يجد أنهم -في أحسن أحوالهم- ليسوا أكثر من نقلة ومترجمين عن الأفكار والمذاهب الغربية، بل وهم لا ينكرون هذه الحقيقة بل يفتخرون بها.


(١) المصدر السابق: ص ٢٧٧.
(٢) المصدر السابق ٣/ ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>