للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إلهي" أبدي، يرئسه (١) إله عادل رحيم يحميه ويكافئه هنا أو في السموات، وجد نفسه أمام نظام من صنع يديه لا استئناف لأحكامه إلى سلطة عليا" (٢).

وبذلك يصبح الإنسان مصدر القيم لا الآلهة على حد تعبير أدونيس، من هنا يخوض الإنسان "صراعًا روحيًا مع الفراغ" (٣) إذ يؤدي "المجتمع الحديث" (٤) إلى "التبعثر والتمرد والرفض والحيرة والقلق وما إلى ذلك مما يطبع عصرنا الحاضر" (٥).

ومن هنا يحل الشعر مكان الدين، ويصبح "ميتافيزيقيا" المجتمع الحديث، حيث يلعب الشاعر "دور الآلهة التي اختفت" على حد تعبير خالدة سعيد "يزيح كابوس الآلهة والنظام") (٦) (٧).

هذا النص الحداثي يجسد بوضوح الصورة الحقيقية للمعتقد الحداثي القائم على أمشاج من الإلحاد والدهرية والكفر والزندقة وتأليه الإنسان والطبيعة، ويحتوي على شهادة دامغة ضد الذين يشهدون بالباطل ويدافعون عن الحداثة وأصحابها، ويجادلون عن الذين يختانون أنفسهم.

وليست هذه عقائد الخال وأدونيس وخالدة سعيد وباروت فحسب، بل يشترك معهم في هذا المستنقع الإلحادي جملة كبيرة من شعراء ونقاد وكتاب الحداثة العربية، ومن لم يشاركهم في هذه الصراحة الكفرية لا يكاد يسلم من رذاذ مضمون هذا الاعتقاد الإلحادي، بالجحد والإنكار أو بالشك والريب.


(١) هكذا والصواب: يرأسه.
(٢) نقله عن المصدر السابق: ص ٩.
(٣) و (٤) و (٥) كل هذه الأقوال ليوسف الخال نقلها باروت عن المصدر السابق ذكره: ص ٩.
(٦) نقل باروت هذا النص عن خالدة سعيد من البحث عن الجذور، إصدار دار مجلة شعر- بيروت ١٩٦٠ م/ ١٣٧٩ هـ: ص ٩.
(٧) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ٢٥٨ - ٢٥٩ من مقال طويل لمحمد جمال باروت بعنوان "تجربة الحداثة ومفهومها في مجلة شعر".

<<  <  ج: ص:  >  >>