للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم في محاولاتهم البائسة في هدم دين اللَّه والنيل منه والتهكم به والسخرية منه، كما قال الشاعر:

(وقال السهى للشمس أنت ضئيلة … وقال الدجى للصبح لونك حائل

وطاولت الأرض السماء سفاهةً … وفاخرت الشهب الحصى والجنادل) (١)

وشواهد سفاهتهم الاعتقادية في جحد الآخرة واعتقاد عبثية الحياة كثيرة، منها قول محمود المسعدي صاحب رواية "حدث أبو هريرة قال" والتي يعدونها من روائع الحداثة، ففي حديثه عن العلوم والأبدية والحياة الآخرة يقول: (ما حيلة العلوم كل العلوم؟ يمكنها زعزعة ركائز الكون العملاقة وتحديد نظمها، ولكن متى صار تحديد كل هذه القواعد الكونية التي نلم بها، نعود للسؤال الأول: ما مصدرها؟ ومن سنها؟ يمكننا تفكيك أوصالها كما يفكك الطفل لعبته، ويعجز عن شرح كيفية عملها لنطلق في بحثنا من البداية، هل يعي الفكر البشري مفهوم "الأبدية"؟ أي اللابداية واللانهاية واللامحدود، فوعينا الحسي يفترض بداية ونهاية لكل شيء فقد نسلم بالديمومة لكن ليس باللانهاية غير المبررة، فتبلغ الماورائي أي ما يتجاوز إدراكنا المادي، من هنا الحاجة لتفسير واضح، كالتفسير الديني الذي يوفر للإنسان تفهمًا إيمانيًا وليس عقلانيًا لما يعرف "بالباقية" ما بعد الحياة) (٢).

هذا النص محشو باللغو الفارغ، والتأرجح في أوله بين الشك والجحود، والواصل في الأخير إلى حضيض إنكار اليوم الآخر والحياة الأخروية، ومن يعرف عقائد المسلمين، يستيقن أن هذا القول لا يمكن أن يصدر من قلب فيه إيمان باللَّه واليوم الآخر، فاعتبار العلوم الركيزة الأساسية لتفسير كل شيء وهدم كل شيء، نوع من أنواع التأليه للحياة الدنيا، وشعبة من شعب المذهب الطبائعي القديم، واعتبار أن حقائق الدين عن اليوم الآخر


(١) بيتان من قصيدة لأبي العلاء المعري في سقط الزند: ص ١٩٥.
(٢) رأيهم في الإسلام: ص ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>