للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعطي تفسيرًا إيمانيًا لا عقليًا مثال من أمثلة الدعاوى والشتائم الحداثية العلمانية العربية العرية من الدليل والبرهان، والمفتقرة إلى الحجة، والعقل بل والمناقضة لكل ذلك، إذ في أدلة العقل والحس والشرع من إثبات المعاد ما لا يستطيع معه الشاك المعاند ردًا.

أمّا التهمة المادية الإلحادية التي يرددها الدهريون الجدد في أن الدين مناقض للعقل، فهي تهمة طالما رددوها، وحجروا عقولهم وقلوبهم عن النظر في نقيضها، وأغلقوا على أنفسهم منافذ النظر أو التأمل في البراهين المعاكسة لما يعتقدون، في الوقت الذي يزعمون فيه الانفتاح وسماع الرأي والرأي الآخر!!، ولكنهم في واقع الأمر أشد الناس تحجرًا على المقولات المادية التي اعتنقوها، وأكثر البشر انغلاقًا في الأطر المادية التي أحاطوا أنفسهم بها، إلى حد أنهم إذا رأوا الدليل الساطع والبرهان القاطع الذي ينقض عليهم أوهام مادياتهم صدوا عنه وأعرضوا، وتجاوزه بإغفاله أو السخرية به، ولو كانوا أصحاب "عقلانية" كما يدعون، لسمعوا نداء العقل والتفتوا إلى الدليل، وانتبهوا للبرهان، ولكنهم في غيهم يعمهون، وعلى آثار أسلافهم من الدهريين يسيرون.

أمَّا الحداثي المحترق جابر عصفور فإنه يتحدث عن الموقف المضاد للحداثة في كتاب الأخ الشيخ عوض القرني ومقدمته التي كتبها سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز، ويصف ذلك بأنه خطاب إرهابي قمعي تسلطي ينبني على (الثقافة التي يغلب عليها الاتباع والتقليد، وبنية المجتمع يغلب عليه الخوف والإذعان، وذلك في متوالية تؤجج عمليات التناص الديني السياسي الاجتماعي في لا وعي المتلقي، حيث تتجاوب المخزونات اللاشعورية الملازمة لسلطة الدولة الإرهابية وأجهزتها القمعية وعنفها اللاإنساني، والمخزونات المصاحبة للقيم الدينية، حيث الخوف من عذاب القبر والرعب من نار الآخرة. . .) (١).


(١) الإسلام والحداثة: ص ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>