للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (١).

وغير بعيد عن هذه المعاني الجاحدة ما كتبه سعدي يوسف في مطلع مقطع بعنوان "منزل المسرات" جاعلًا القول في وسط مستطيل يدل على احتفائه وغايته الشديدة به، وهو قول نقله عن ملحمة جلجامش المبنية على أسطورة آشورية بابلية (٢)، كتب سعدي:

(آه لقد غدا صاحبي الذي أحببت ترابًا

وأنا سأضطجع مثله

فلا أقوم أبد الآبدين) (٣).

ولا غرو أن من اتخذ الوثنية ورموزها وملاحمها دليلًا فسوف تقوده إلى جثث العقائد الجاهلية، وفي هذا القول مصداق ما سبق ذكره من أن القوم ليسوا إلّا نسخة معاصرة من الجاهليات الأولى البائدة، ومن أعظم القضايا التي واجهت الإسلام من أول عهده وحتى اليوم قضية الألوهية والنبوة والمعاد، وها نحن نرى كيف يجتر الحداثيون المقولات المنحطة لأسلافهم من الكفار الملحدين في نفي البعث، والقول بالعدم المطلق والفناء الدائم الذي لا حياة بعده، من نحو قول أمل دنقل:

(لا شيء إلا توابيب لا شيء

إلا المبادلة الخائبة

جثث تتراكم في الضفة الساكنة. . .

هذا التساؤل عن لون عينين عاشقتين

كنافذتين على البحر - طعم القبل


(١) الآية ٥ من سورة الكهف.
(٢) انظر: عن جلجاش وملحمة جلجاش في معجم الأساطير: ص ١٠٦.
(٣) ديوان سعدي يوسف: ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>