والألماس والذهب لايقدرها قدرها إلّا الجوهري الحاذق، ولا يحط من قدرها أن لا يستطيع كل أحد تمييز صحيحها من زيفها.
وإذا نظرنا إلى تخبطات أصحاب المذاهب الفلسفية الغربية في فلسفاتهم ذاتها، وفي مقولاتهم وتطبيقاتها، وجدنا أن العداء للأديان والجحد لوجود اللَّه أو ألوهيته أو غيبة، من النتائج الحتمية للمغالطات الذهنية، المخالفات العقلية، والتخبطات المعرفية.
أمّا أتباعهم من المفتتنين بهم من أبناء العالم الإسلامي من مثقفي هذا العصر، فهم في درجة من التقليد لأولئك بحيث لا تستطيع معها وصفهم إلّا بأنهم مجرد قطيع من المحاكين المتأثرين المقلدين، سواء منهم من أعلن الإلحاد بتبجح أهوج، أو من استبطن الإلحاد ودار في دوائر الشك والريب والتردد.
وهذا الصنف الجاهلي المقلد أسواء من سابقه وأردى؛ ذلك أن عقولهم قد جمدت على الضلال اتباعًا، وسارت في مسارات الجهل والزيغ انصياعًا، فأذهانهم أشد تحجرًا من أذهان أساتذتهم وقلوبهم أقسى وأعتى.
ومع ذلك تسمع منهم التبجح بالاستقلال العقلي والتحرر الذهني:
كدعواك كل يدعي صحة العقل … ومن الذي يدري بما فيه من جهل (١)
وعقيدتهم في البعث والنشور من أعظم الأدلة على هوان الحقيقة عندهم، وضعف سلطان البراهين لديهم، وتسلط آفات الجهل والهوى والضلال على ألبابهم وقلوبهم، فهم حين يقولون بأبدية الدنيا أو بعض ما فيها لا يستندون إلى مستند صحيح من عقل أو تجريب، إلّا محض الادعاء ومجرد النفي والاستبعاد، وافتراض الاستحالة، والاستناد إلى الإلف والمشاهدة الحيوانية القاصرة، وهذه كلها وما يشبهها ليست من محجة الأدلة العقلية الثابتة، ولا من طرائق المطالب البرهانية الصحيحة.