لقد حاول إحسان عباس في دراسته للزمن أن يضفي على الاتجاه الحداثي صفات التحضر والتقدم والاستمرار، بيد أنه لم يخرج في كل ذلك عن المنظور المادي لمفاهيم التحضر والديمومة، في الوقت الذي حاول أن يضفي فيه صفات البدائية والتخلف والرجعية على ما ظنه المنظور الإسلامي للزمن، ففي توطئته لهذه القضية قدم بكلام يدل على هذا الموقف، يقول: (إن هناك فرقًا في تصور الزمن بين الجماعات البدائية وبين الجماعات التي تعيش في ظل الحضارة، فالزمن للبدائي "فيولوجي" أو شعائري، أي أنه ربّما كان منعدمًا، أمَّا الزمن بالنسبة للمتحضر فإنه "تاريخي"؛ لأنه شيء يُمكن قياسه والتعامل معه.
إن هناك فرقًا في تصور الزمن بين الحضارات القديمة والحضارة الأوروبية الحديثية، فالحضارات القديمة تستطيع التغاضي عن الزمن، بينما تصر الحضارة الأوروبية على وجوده، وتربط الثقافة والحياة ربطًا محكمًا به) (١). ثم يخلص من هذه المقدمات إلى الكلام عن الزمن في الحضارة الإسلامية وهو القول الذي سبق نقله.
وإذا ما قارنا بين هذا الفهم السطحي للزمن والفهم العميق الذي أشار سيد قطب إلى شيء منه في النص السابق، يبين لنا مدى الجناية التي جناها إحسان عباس على نفسه بقبوله بهذه التعمية الفكرية واستخذائه أمام هذا القول التقريري الخالي من الدليل والبرهان، والمفتقر إلى أدنى نظر وتأمل في نصوص الكتاب العظيم والسنة المطهرة، التي كان الحديث فيها عن الزمن والعصر والحياة الدنيا والآخرة من أوسع الحديث وأشمله وأعمقه وأدقه وأصوبه.
والذين يفترون على عقيدة المسلمين بجهل أو بتجاهل إنما يعبرون عن بعض آفاتهم العقلية.
إن إحسان عباس يعد الزمن في الاعتبار الديني "شعائريًا" وهذا يقتضي