للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده أن يكون "ميثولوجيًا" (١) أسطوريًا أو منعدمًا، وفي هذا القول عدة مآخذ منها:

١ - إن الزمن في المفهوم الإسلامي وإن ارتبط بشعائر العبادة من صلاة وصوم وحج وغير ذلك من مواقيت العبادات فإنه لا يقتضي أن يوصف بأنه شعائري، ولا يقتضي أن يكون إذا وصف بالشعائري أن يكون بدائيًا، كما تتخيله العقلية المادية الغربية الجاهلية.

٢ - لا وجه للربط بين لفظ "شعائري" وأسطوري إلّا في المفهوم الجاهلي الغربي، الذي جعل الإلحاد إطارًا لفكره وفنه وآدابه، واقتضى ذلك، منه أن يكون الدين السماوي -أيًا كان هذا الدين- في دائرة "الميث" أو الأسطورة.

وإحسان عباس وغيره من الحداثيين في هذا المرض المادي يتخبطون ويقولون ما لا يعملون، ويهرفون بما لا يعرفون.

٣ - وصف الزمن عند البدائيين -حسب تعبيره- بأنه منعدم، ويريد بالبدائيين، كل من عدا الأوربيين، وفي طليعة البدائيين حسب سياقه، وحسب موضوع الكتاب هم أصحاب العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان.

ولم يبين إحسان عباس مراده بانعدام الزمان عند البدائيين!!.

فإن كان مراده بالزمن هذه الحياة الدنيا فلاشك أن الزمن فيها مخلوق من عدم، وزائل بيوم القيامة، التي يصبح فيها الزمان غير الزمان والحال غير الحال، وهذا هو مفرق الطريق بين عقيدة المؤمنين باللَّه تعالى وعقيدة الدهريين والماديين الذين يقولون باستمرار الزمان الدنيوي وديمومته.

وإن كان مراده بالزمن مطلق الزمان في الدنيا أو في الآخرة فإنه يكون بتوصيفه هذا قد كذب على أهل الإسلام بل وعلى غيرهم من أصحاب


(١) انظر: ما سبق عن الميثولوجيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>