للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نجاة إلّا بالعودة إلى الأصل اتباعًا، وتصديق كل ما يصدر عنه تقليدًا والالتزام بما يروى عنه نقلًا. . .) (١).

وهكذا نرى وشائج الترابط المادي بين الإيماء بجحد وجود اللَّه -تعالى- وجحد أحقيته في العبادة والحكم والأمر والطاعة والاتباع، والتصريح بأن ذلك هو أساس التصور للزمن المنحدر أو للخط الأفقي الدائري الهابط، وهي عبارة أخرى مكررة المعنى للرجعية والتخلف وغيرها من عبارات الشتائم الماركسية والوجودية، ثم يصل في الأخير إلى أن النقل والاتباع والتقليد هي أصول هذا التخلف، ومراده في كل ذلك نسف أصول الإسلام من خلال مغالطات كلامية وسفسطات لفظية ليس لها في ميدان العقل والبرهان رأس ولا قدم.

وليس المقام هنا مقام الرد على هذه الأخلاط الحداثية، إذ الكلام عن الزمن في المفهوم العلماني المادي، وهو المفهوم القائم على التشبث بالدنيا والبقاء فيها، واعتقاد أبديتها، واستمراريتها وتجددها دائمًا من غير انقطاع ولا زوال.

وهو الاعتقاد الذي سوغ لهم القول بحتمية التطور والتجدد في الحياة وأعمال الإنسان ومناشطه وإبداعاته ومخترعاته ومكتشفاته.

وهي الحتمية التي قامت أصلًا على خرافة دارون المسماة نظرية النشوء والارتقاء.

فهذه حلقات سلاسل الجهالة الحداثية القائلة بأبدية الدنيا ودوام الدهر واستمرار الزمان، وسرمدية العالم وأبدية الحياة الدنيوية (٢).

أمَّا كلام جابر عصفور حول النقل والاتباع والتقليد أنها سبب الانحدار والتخلف فيرد عليه بأن هذه دعوى باطلة وحجة داحضة وافتراء على الحقيقة، ويُمكن أن يقال له من جنس قوله ولكن بالحق والصدق لا بالكذب والافتراء.


(١) الإسلام والحداثة: ص ١٨١.
(٢) انظر: تفصيل الرد على هذه الافتراءات في كتاب نقض أوهام المادية الجدلية: ص ١١٦ - ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>